أن العرب في الجاهلية إذا كان لأحد عبد فأراد أن ينسبه ويلحقه بنسبه فعل ذلك وجاز عندهم وقد وجدنا ذلك من وجوه كريمة من العرب فيلحق بنسب مولاه، فكان هذا من سيرة العرب وقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بزيد بن حارثة اشتراه من سوق عكاظ بمال خديجة عليها السلام وكان زيد قد سرق (1) من أبيه حارثة الكلبي فبيع في سوق عكاظ فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما أظهر رسول الله (ص) الدعوة سارعت خديجة للاسلام فسارع زيد أيضا إليه فاستوهبوه الرسول (ص) من خديجة ليعتقه ففعلت خديجة ذلك فبلغ أباه خبره أنه مع رسول الله (ص) بمكة فأقبل إلى مكة في طلبه وكان أبوه حارثة من وجوه بني كلب فصار إلى أبي طالب في جماعة من العرب فاستشفع بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في أن يرد عليه ابنه زيدا بعتق أو بيع فقال رسول الله (ص) زيد حر فليذهب أين شاء فقال له أبوه الحق يا بني بقومك ونسبك وحسبك فقال زيد ما كنت لا فارق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجهد به أبوه وتلطف له فقال ما أفارق رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له أبوه إني أتبرأ منك فقال له زيد فذاك إليك فقال حارثة يا معشر قريش والعرب إني قد تبرأت من زيد فليس هو ابني ولا أنا أبوه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا معاشر قريش زيد ابني وأنا أبوه فدعى زيد محمد على رسمهم الذي كانوا عليه في الجاهلية في أدعيائهم وكان زيد كذلك حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم تزوج بامرأة زيد فأنكر ذلك جماعة من جهال الصحابة فخاضوا فيه خوضا فأنزل جل ذكره في ذلك يعلمهم العلة في تزويج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بامرأة زيد فقال تعالى (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول وخاتم النبيين) ثم قال (وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلك قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ادعوهم
(٧٥)