الفصل الثاني الإمام الحسين والخروج على بني أمية توفي أكبر أبناء علي من فاطمة وهو الحسن في سنة 49 ه. وكان قد خيب آمال أنصار أبيه بالطريقة التي تنازل بها عن الخلافة وفقد احترامهم له فاتجهت أبصارهم إلى أخيه الأصغر: الحسين. ولما توفي معاوية وانتهت خلافته في سنة 60 ه حييت آمال الشيعة من جديد. فرفض الحسين - وكان آنذاك في منتصف الخمسين من عمره - أن يبايع يزيدا وحتى يخلص من سلطان يزيد فر من المدينة وهي المركز الدائم لأنصار علي والتجأ إلى مكة (عند أواخر رجب سنة 60 ه).
فدعاه أهل الكوفة إليهم للخروج تحت قيادته على سلطان بني أمية. وأرسلوا إليه في هذا المعنى بعدة رسائل ووصل إلى مكة رسلهم الأول في 10 رمضان سنة 60 ه (14 يونيو سنة 680 م). وكان أصحاب هذه الرسائل (1) رجالا بارزين من القبائل ومن اليمانية على وجه التخصيص وقد كانت اليمانية في الكوفة أكبر القبائل عددا وأهمية ومالت نفس الحسين إلى تلبية هذه الدعوة الملحة التي وجهها الكثيرون. ولكنه آثر أن يبعث أولا بابن عمه مسلم بن عقيل ليتحسس الأرض ويهئ السبيل أمامه. ونزل مسلم في الكوفة أولا عند المختار بن أبي عبيد (2) الثقفي ثم انتقل بعد ذلك إلى رجل بارز من بني مراد هو هانئ بن عروة بن مذحج. وكان لقاؤه سرا مع أنه عقدت حوله اجتماعات وألقيت خطب نارية. وكان كسب الأنصار للحسين يتم بسرعة ولكن مع احتياط شديد فلم يكن يقبل كل من يظهر الرغبة في الانضمام. وفي مدة قليلة تقدم الآلاف بالبيعة للحسين على يد مسلم بن عقيل أو من ينيبهم عنه. وتولى أبو ثمامة الصائدي جمع الأموال والسلاح.