الفصل الأول نشأة الشيعة بمقتل عثمان انقسم المسلمون إلى حزبين: حزب علي وحزب معاوية والحزب يطلق عليه في العربية أيضا اسم (الشيعة) فكانت شيعة علي في مقابل شيعة معاوية. لكن لما تولى معاوية الملك في دولة الاسلام كلها ولم يعد مجرد رئيس حزب أصبح استعمال اللفظ (شيعة) مقصورا على أتباع علي ودخل في هذا الاستعمال أيضا تعارضهم مع الخوارج. ولم يكن اتخاذهم عليا زعيما بسبب أنه ابن عم الرسول وصهره وأبو أحفاده إذ أن حق الأقربين في وراثة الرياسة - وكأنها ملك خاص - لم يكن معترفا به عند العرب وبالأولى لم يعترف به الاسلام وإنما اختاروه لأنه بدا لهم أفضل صحابة الرسول الأقدمين ومن هؤلاء كان الخليفة يختار حتى تلك الحين وكانوا له كعهدهم مع النبي بمثابة هيئة مستشاريه كما كانوا إلى حد كبير مناط استمرار الحكومة الدينية عند تبدل الاشخاص في المنصب الاعلى. فكان علي إذن ممثلا في الأصل لهذه الطبقة الاسلامية التي نالت الرفعة بما لها من فضل ولحقها التقليدي في الخلافة الذي كان يهدده السلطان الفعلي للعمال الأمويين الذين عينهم عثمان والأمويون أسرة عريقة النسب ذات تقاليد منذ عصر الجاهلية ولم يكد علي يتولى الخلافة حتى انقلب عليه العضوان الباقيان من الأمويين ضده وأخذوا لأنفسهم الحق في العمل: ولكن الواقع هو أن الكفاح قد قام به جميع الطامعين في الخلافة ولم يكن (الحق) إلا تكأة لإثارة الجماهير وإعطائهم راية يقاتلون حولها. واستطاع علي أن يضم أهل العراق إلى صفه وقد كانوا أشد سندا للذين ثاروا على عثمان فانتقل إلى الكوفة ثم كسب البصرة لجانبه بعد ذلك وتم له هذا بعد كفاح دموي ضد منافسيه الغادرين.
أما معاوية فكان معه أهل الشام وكان يحكم الشام منذ عهد طويل فانتقل الكفاح بينه وبين علي إلى كفاح بين أهل الشام وأهل العراق. وانتهى الكفاح بمقتل علي إلى غير صالح أهل العراق ولكن هؤلاء لم يندمجوا في وحدة الدولة