فدخل عليه قومه من بني ثقيف وحدثوه في الامر فقال لهم المغيرة: (إني قد قتلته! إنه سيأتي أمير بعدي فيحسبه مثلي فيصنع به شبيها بما تروه يصنع بي فيأخذه عند أول وهلة فيقتله شر قتلة. إنه قد اقترب أجلي وضعف عملي ولا أحب أن أبتدئ أهل هذا المصر بقتل خيارهم وسفك دمائهم فيسعدوا بذلك وأشقى ويعز في الدنيا معاوية ويذل يوم القيامة المغيرة) (الطبري) (2 / 114).
وكان مصير حجر عند خلف المغيرة أشد نكرا فقد خلفه على الكوفة في سنة 51 زياد بن أبيه والي البصرة فجمع له المصران: الكوفة والبصرة. وليس فيما يورده أبو مخنف نبأ عن قدومه الأول إلى الكوفة. أما المدائني فيذكر أنه ورد في عدد قليل من الرجال وصعد المنبر وقال فيما قال: إنه وجد الهدوء والنظام يسودان الكوفة وليس بحاجة إلى أن يبدأ عمله بإقرارهما كما فعل في البصرة. فشكر له الحاضرون مدحه بأن رجموه بالحجارة! فاحتل مداخل المسجد ولم يسمح لاحد بالخروج إلا إذا أقسم بأنه لم يرم حجرا. فأبى عدد قليل منهم أن يقسم فقطع أيديهم. وهذه القصة من الجمال بحيث تمنع من الاستمرار في سردها إذ يبدو أنها غير حقيقية. أما عوانة فيما نقله الطبري (2 / 114) - فيروي غير هذا. فلا يذكر حدوث شئ حينما صعد زياد على منبر الكوفة لأول مرة. وحينما أخذ في ختام خطبته يلعن عليا ويقرظ عثمانا لم يرتفع صوت بالرد عليه (1). ويرجع زياد هادئا إلى البصرة وولى الكوفة عمرو بن الحريث نائبا عنه باستمرار. وإنما تجاسر الشيعة - وقد استفحل أمرهم بسبب رفق المغيرة بهم وعلى رأسهم حجر بن عدي - تجاسروا على عمرو بن الحريث وحصبوه بالحجارة أثناء الصلاة فأسرع زياد قادما من البصرة إلى الكوفة وصعد المنبر (وعليه قباء سندس ومطرف خز أخضر قد فرق شعره) وأبرز للحاضرين خطورة الموقف وهدد حجرا وكان حجر جالسا في المسجد حوله أصحابه فانسحب من المسجد مع أصحابه (2).