وجرى كل شئ على ما يرام حتى إن مسلما بن عقيل كتب إلى الحسين يخبره بالقدوم.
وكان والي الكوفة إبان قدوم مسلم بن عقيل هو النعمان بن بشير الأنصاري.
فاشتبه في وجود شئ ولكنه لم يشأ أن يتخذ إجراءات شديدة لمجرد الشبهة فإن تقوى الله أسبق عنده من خدمة السلطان. فلما علم يزيد بن معاوية بمسلكه استبدل به - بناء على مشورة سرجيوس - شخصا أقل تحفظا وورعا هو عبيد الله بن زياد والي البصرة (1). فأسرع هذا من أقصر طريق خلال الصحاري متوجها إلى الكوفة في نفر قليل من الرجال (2). وكان يلبس عمامة سوداء وعلى فمه لثام فحسب الناس أولا أنه الحسين الذي ينتظرونه (3). فلما عرفهم بنفسه أخليت له المدينة. فانتقل إلى المسجد مباشرة وخطب خطبة قصيرة. وأمر كل عريف (4) أن يدل على الغرباء القانطين في عرافته أو أن يضمن أنه لا يوجد فيها أحد مشتبه فيه وإلا صلب على باب داره ورفع المال عن عرافته ونفي خارج الكوفة.
وكان قد علم بنية الحسين عن طريق رسالة استولى عليها ولكن يلوح أنه لم يكن على علم (5) بوجود مسلم بن عقيل في الكوفة. وعلى الأقل كان يجهل مكان إقامته. وذهب وهو لا يدري إلى مغارة الأسد. أعني إلى بيت هانئ بن عروة لعيادة مريض. وكاد أن يقتل هناك (6). ولم يأت العرفاء بخبر أحد. وإنما أتاه بالاخبار جاسوس غير عربي بل مولي اسمه معقل استطاع أن ينفذ إلى ابن عوسجة الشيعي. وعرض عليه ثلاثة آلاف درهم قال إنه جمعها للشيعة ويريد أن يقدمها للشخص المتولي لامر الشيعة. فاقتاده ابن عوسجة إلى مسلم بن عقيل