الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ١٠٨
الشرطة وعشرون رجلا من أشراف الناس وأهل بيته وكان هؤلاء الاشراف يخضعون لنفوذه وإن كان بعضهم شيعيا متحمسا ساهم في استقدام الحسين (1).
وكان على هؤلاء الاشراف أن يبينوا للثائرين النتائج الخطيرة التي ستترتب على خروجهم وأن يحثوهم على العودة. وكان النسوة أيضا يحثثن رجالهن وأهلهن على العودة قائلات: ليس لك في هذا الامر شئ. وعند المساء كان الناس قد انصرفوا وخلوا مسلما بن عقيل وحيدا شريدا من الناس ولم يكن يعرف طرقات الكوفة الضيقة المعقدة حتى بلغ دور بني جبلة من كندة فمشى حتى انتهى إلى باب امرأة أرمل كانت تنتظر بالباب ابنها. فالتجأ لديها.
ولما وافى المساء كان الهدوء يشمل السوق فطلب عبيد الله من أصحابه أن ينظروا هل خلا وصفا. ثم صعدوا على سواري المسجد وأضاءوا القناديل من الفتحات العليا للمسجد فأبصروا أن ليس هناك أحد. وعندما نزل هو من القصر إلى المسجد. وأمر أن تصلي صلاة العتمة بالمسجد فلم يكن له إلا ساعة حتى امتلأ المسجد من الناس فنظمهم على هيئة جيش وأبقى عليهم في أمكانهم. أما الشرطة فقد عبثت كلها وأمرت باحتلال أفواه السكك ليفتشوا في الصباح الاحياء حيا حيا فلما انبلج الصبح كان ابن تلك المرأة الارمل قد دل رئيس كندة محمد بن الأشعث على موضع مسلم وقام محمد بن الأشعث فأخبر الوالي بالخبر.
فأمره الوالي بإحضار مسلم وأخذ معه بعض الشرطة وحوالي من 60 إلى 70 قيسيا: وذلك لان اليمانية لم يكونوا ليجدوا مسلما. وبعد دفاع عنيف - وكانوا يريدون أن يأتوا بمسلم حيا - سلم مسلم نفسه لابن الأشعث واقتيد على بغل بعد أن انتزع منه سيفه. ولما دخل القصر طلب أن يشرب. فلم يجرؤ أحد على تلبية طلبه إلى أن أخذت الشفقة بقرشي فسقاه. وبعد تبادل كلمات عنيفة بينه وبين عبيد الله صدر الامر بقتله فطلب مسلم أن يسمح له بأن يوصي إلى عمر بن سعد بن أبي وقاص وقبل هذا أن يأخذ منه الوصية بعد إذن من عبيد الله. ثم صعدوا به فوق القصر فضربت عنقه وأتبع جسده رأسه ضربها شرطي فارسي كان قد جرحه مسلم في القتال والقى بجثته في الموضع الذي أصبح فيما بعد موضع الجزارين.

(1) وكان أحدهم وهو أسماء بن خارجة القيسي (الفزاري). والد زوجه وصديقا للحكومة راجع عنه كتاب (فهرس الأغاني).
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست