الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ١١٠
في الكوفة استقبالا حافلا ولم يكن يعلم شيئا عن نهاية مسلم بن عقيل الأليمة وإنما وصلته الانباء الأولى وهو في الثعلبية وكان يود أن يعود أدراجه لولا أن إخوة القتيل طالبوا بالمضي في الامر لينتقموا لمقتل أخيهم. وفي زبالة أتاه نبأ جديد مروع فقد أرسل رسوله بكتاب: (حتى إذا انتهى إلى القادسية أخذه الحصين بن تميم (1) به إلى عبيد الله بن زياد فقال له عبيد الله: اصعد القصر فسب الكذاب ابن الكذاب. فصعد ثم قال: (أيها الناس إن هذا الحسين بن علي - خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله وأنا رسوله إليكم وقد فارقته الحاجر فأجيبوه ثم لعن عبيد الله بن زياد وأباه واستغفر لعلي بن أبي طالب. فأمر به عبيد الله بن زياد أن يرمي من فوق القصر فرمى به فتقطع فمات). فلما علم الحسين بهذا الخبر قال لمن معه: (من أحب منكم الانصراف فلينصرف. ليس عليه منا ذمام. فتفرق الناس عنه تفرقا فأخذا يمينا وشمالا - حتى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة) (2 / 294) وسار مع هؤلاء الأخيرين حتى مر ببطن العقبة فنزل بها ثم ارتحل منها إلى شراف حتى بلغ ماء ذي حسم فعسكر هناك وتحصن من الخلف بأرض مرتفعة.
وهناك اعترض طريقه فرسان من الكوفة أرسلت من القادسية بقيادة الحر بن يزيد التميمي تلقوا الحسين باحترام وقاموا بالصلاة وهو يؤمهم وأبرز لهم الحسين الكتب التي جاءته من الكوفة تدعوه للقدوم وكانت تملأ خرجين فقال الحر:
لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك. فأراد الحسين الرجوع إلى المدينة. فحال الحر بينهم وبين الانصراف ولكنه لم يكن لديه أيضا أمر بمهاجمته. (ولما كثر الكلام بينهما قال له الحر: إني لم أؤمر بقتالك وإنما أمرت أن لا أفارقك حتى أقدمك الكوفة فإذا أبيت فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة ولا تردك إلى المدينة تكون بيني وبينك نصفا حتى أكتب إلى ابن زياد وتكتب أنت إلى يزيد بن معاوية - إن أردت أن تكتب إليه أو إلى عبيد الله بن زياد إن شئت - فلعل الله إلى ذاك أن يأتي بأمر

(1) يخلط كثيرا بينه وبين الحصين بن نمير الشامي وهو خلط لا يقع فيه المؤرخون المحدثون وحدهم بل وقع فيه النساخ القدماء أيضا - راجع مثلا الطبري (2 / 409 س 3) والدينوري (ص 256 س 4) وكانت القادسية تعلق المدخل إلى الكوفة من ناحية الجزيرة العربية.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست