الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ١٠١
ضدهم أيضا أو على الأقل ضد واحد من بني قومهم. كذلك فعل الأزد في الظاهر وكانوا يعتذرون من بيت إلى بيت لما أن جاءوا حتى كندة وتركوا لمذحج وهمدان أن يتقدموا فتقدموا دون عائق حتى بلغوا بين حجر وهنالك قوبلوا بمقاومة: إذ جاء بنو جبلة لما هوجم بيته وهم بنو قرابة ودافعوا عنه كذلك انتصر له حينئذ أولئك الذين لم يكونوا على وفاق معه. ويقال: إنه رجاهم أن يغمدوا سلاحهم وأن يتفرقوا. على أن هذا كان سيحدث دون رجائه هذا. واستطاع حجر الفرار فأمر زياد الشرطة بمطاردته. فتنقل من حي إلى حي وشارع إلى شارع ومنزل إلى منزل (1) يقوده أدلاء نجباء خلال هذه المساكن لان العطف العام كان في جانبه فوجد ملجأ له حيثما سعى ولكنه لم يشأ جلب الضرر على من يلوذ بهم فكان يترك ملجأه كلما اقترب الشرطة منه. وأخيرا وجد الامن على منزل أحد الأزديين فقد فقد الشرطة أثره فتوقفوا عن مطاردتهم غير المثمرة.
هنالك ألقى زياد المسؤولية كلها على قبيلة كندة وهدد رئيسها محمد بن الأشعث بالعقاب الشديد إن لم يسلم معكر الامن (أي حجر) في ظرف ثلاثة أيام. فنهض حجر بنفسه وتقدم إلى زياد بعد أن أخذ منه وعدا بأنه لن يحكم في أمره بل سيرسله إلى الخليفة ليتصرف في شأنه وأقبل على زياد في غداة باردة وعليه برنس فحبسه وعبثا حاول أن يحتج على هذه المعاملة وبقي في السجن خمسة عشر يوما (2) في أثنائها لم يكن لزياد عمل إلا طلب رؤساء أصحاب حجر فأتى منهم باثني عشر رجلا تقريبا وكانوا من قبائل مختلفة وقد أخبر عنهم أهلهم أو كشفوا بأنفسهم عن أنفسهم. ولكن أحدا منهم لم ينكر تشيعه لعلي ليخلص من عقاب زياد.
وراح زياد يؤلف صيغة اتهام لحجر وأصحابه بأن حجرا جمع إليه الجموع وأظهر شتم الخليفة ودعا إلى حرب أمير المؤمنين وتزاحم رؤس الأرباع في الكوفة ليوقعوا بالشهادة على صحة هذا الاتهام حتى اضطر إلى رفض كثيرين إذ كان يكفيه

(1) كانت القبائل تسكن في أحياء والبطون في الشوارع والأسر في منازل وكانت الاحياء تحمل أسماء القبائل (هرب حجر من كندة إلى نخع ومنها إلى الأزد) والشوارع تحمل أسماء البطون وهكذا يعطينا تخطيط الكوفة صورة عن أنساب العرب. ولم يكن الامر في البصرة مختلفا عن هذا.
(2) (المترجم: في الطبري 2 / 127 س 7: (فحبس عشر ليال)).
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 97 98 99 100 101 102 103 105 106 107 ... » »»
الفهرست