ثمانية آلاف رجل كانوا كالدهماء عليهم سيم المقاتلين الحقيقيين وكان فيهم كثير من بني قريش يلبسون فاخر الثياب وقد ظنوا أن الامر لا يعدو أن يكون مجرد نزهة حربية خصوصا الأمويون - وكان لا يزال بالمدينة منهم عدد كبير - وكانوا متكبرين متعجرفين في حديثهم عن هذه الحثالة من الرعاع فهكذا كانوا يتصورون الخوارج. زحف أبو حمزة ضد جيش أهل المدينة والتقى الجمعان في قديد يوم الخميس التاسع من صفر سنة 130 ه (1). وحاول أولا إقناعهم بالحسنى أن قضية الخوارج هي بعينها قضية أهل المدينة وهي مقاومة حكومة بني أمية ولم يشأ أن يبدأ القتال إلا بعد أن هاجمه جيش العدو وجرحوا برمية منهم أحد رجاله فتبين له حينئذ أن إراقة دمائهم حلال فوثب على جيش المدينة وثبة نكراء اضطرت هذا الجيش إلى الفرار ولكنه منع من مطاردته أما القرشيون - وهم يمثلون الحكومة الكافرة (حكومة بني أمية) - فلم يراع معهم أي اعتبار. وامتلأ ميدان المعركة بجثث قتلاهم ومن بينهم قائدهم عبد العزيز والأسرى الذين رفضوا التنصل من مذهبهم كان جزاؤهم القتل ومن هنا كانت الضجة حول معركة قديد ولذلك سر الناس أن كانت المذبحة في السادة المتكبرين الذين كانوا دائما يتركون لغيرهم التقاط القسطل لهم من النار ومن ثم أصبح الطريق إلى المدينة مفتوحا أمام أبي حمزة فدخلها في 13 صفر (23 أكتوبر سنة 747) دون أي قتال بعد أن أخلاها الوالي عبد الواحد بن سليمان (2).
ظل أبو حمزة قرابة ثلاثة أشهر في المدينة. لقد كان محاربا ممتازا لكنه كان بطبعه كاتبا وخطيبا واعظا. ولابد أن تكون خطبه التي ألقاها على منبر الرسول في