الفصل الرابع التشيع.. ودخول غير العرب فيه كان التشيع في الكوفة آنذاك قد لبس ثوبا جديدا. وقد عرفنا من قبل المعنى الذي كان يدل عليه في الأصل لقد كان تعبيرا عن الاتجاه السياسي العام لمعارضة العراق لسلطان الشام. وفي بادئ الامر كان الاشراف صفا واحدا مع سائر الناس ويتولون قيادهم ولكن حينما أحدق الخطر تراجعوا واستلانوا لاغراء الحكومة (حكومة الأمويين في الشام) ثم استخدموا للقضاء على الثورات الشيعية وبهذا انفصلوا عن الشيعة فتحدد نطاق التشيع واتخذ شيئا فشيئا صورة فرقة دينية في تعارض مع الأرستقراطية ونظام العشائر وأصبح بفضل استشهاد زعمائه وأوليائه ذا طابع مثالي خيالي وكان أنصار سليمان بن صرد يرمون إلى الثورة على أرستقراطية العشائر في الكوفة. ولكن المختار كان أول من نفذ هذا الغرض وحققه عمليا. والى هذه الحركة اجتذب الموالي أيضا. وهؤلاء كان اجتذابهم سهلا لأنهم كانوا ذوي نزعة واضحة إلى الحكم الديني لا القومي الشعوبي وإن كان العرب هم الذين كانوا يتولونه حتى ذلك الحين كما كانوا - أعني الموالي - يكرهون المتعصبين لسيادة العرب.
فلما ارتبطت الشيعة بالعناصر المضطهدة تخلت عن تربية القومية العربية. وكانت حلقة الارتباط هي الاسلام ولكنه لم يكن ذلك الاسلام القديم بل نوعا جديدا من الدين (الطبري 2 / 647 س 6 651 س 2) اتخذ نقطة ابتدائه من بدعة غريبة غامضة اختلط بها المختار وهي (السبئية). والسبئية كانت قد اتخذت اتجاها صار يسيطر على طبقات واسعة بحيث اضطرت الشيعة بوجه عام إلى اتخاذ موقف أشد حدة بإزاء الاسلام السني وازداد إبراز الخلافات بين الشيعة والسنة. والسبئية يسمون أيضا (الكيسانية) وكان كيسان زعيما للموالي (1) فإن كان في نفس