الفصل الثالث الشيعة والثأر للحسين الكوفيون الذين جروا الحسين إلى الكارثة ثم تركوه وحده يصلاها راح ضميرهم يؤنبهم على ما اقترفت أيديهم. فشعروا بالحاجة إلى إرضاء الله وبالكفارة عن إثمهم بالتضحية بأنفسهم فسموا أنفسهم (التوابين) وبدأوا لأول مرة ينظمون أنفسهم فتكونت بعد مقتل الحسين بقليل منظمة انضم إليها حوالي مائة رجل لم يكن فيهم من هو دون الستين من عمره كانوا إذن مدفوعين بدافع الضمير الديني لا العواطف. وولوا أمرهم سليمان بن صرد الخزاعي وكانت له صحبة مع النبي (1) وكان على رأس الشيعة المتحمسين الذين كتبوا إلى الحسين بالقدوم وكان معه رؤساء أربعة آخرون من قبائل فزارة والأزد وبكر وبجيلة (2). وكانوا يجتمعون في كل يوم جمعة في منزل سليمان ويسمعون منه في كل مرة نفس الخطبة:
(كونوا كالالي من بني إسرائيل إذ قال لهم نبيهم: إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا لي بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم. فما فعل القوم؟ جثوا على الركب والله ومدوا الأعناق ورضوا بالقضاء حتى حين علموا أنه لا ينجيهم من عظيم الذنب إلا الصبر على القتل - فكيف بكم لو قد دعيتم إلى مثل ما دعى القوم إليه؟ اشحذوا السيوف وركبوا الأسنة وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل حتى تدعوا حين تدعوا وتستنفروا (الطبري) (2 / 500 - 501).
وبقيت هذه الحركة سرية حتى وفاة يزيد بن معاوية فلما توفى انطلقت هنالك ثارات أهل الكوفة على عبيد الله - وكان يقيم في البصرة - فطردوا نائبه في الكوفة عمرو بن حريث المخزومي. وكان زعماء هذا الانتفاض من الاشراف