الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٧٢
لشاعر معاصر هو كعب الأشقري (والأشقر بطن من الأزد) يذكر فيها يوم رام هرمز وأيام سابور وأيام جيرفت أوردها الطبري (2 / 1010 وما يليها): كان أهل البصرة في خطر شديد لم يجرؤوا على عبور القنطرة إلى أن تولى المهلب القيادة فطارد الأزارقة حتى رام هرمز. وهذا يدل على أن رواية (الكامل) هاهنا أفضل من رواية أبي مخنف.
وبعد هذا تتفق رواية أبي مخنف (الطبري 2 / 855 وما يليها ص / 873 وما يليها ص / 1003 وما يليها) مع رواية (الكامل) (ص / 661 وما يليها) بحيث يجب على المرء أن يؤلف بينهما ويكمل الواحدة بالأخرى. عزل عبد الملك خالدا ابن أسيد وولى بشر بن مروان وهو بالكوفة فاجتمع له المصران. فولى المهلب حرب الأزارقة وجعله مستقلا عن الوالي وأعطاه الحق في جمع جنود من البصرة. كذلك زوده بشر بجيش من الكوفة عقد لواؤه لعبد الرحمن بن مخنف (1) ولكنه أمر عبد الرحمن بن مخنف بأن يخالف أوامر المهلب وأن يفسد عليه رأيه وذلك لان بشرا كان يبغض المهلب لأنه معين من قبل الخليفة مباشرة ولا يخضع له: ولحسن الحظ لم يتبع عبد الرحمن بن مخنف ما أسر إليه به بشر بل فعل ما أملاه عليه واجبه.
فانكشف الأزارقة عن الفرات فاتبعهم المهلب فرحلوا عبر دجيل إلى أن بلغوا الجبال واستولى أهل البصرة والكوفة على موضع حصين عند رام هرمز. وبعد إن أقاموا بها عشرة إيام جاءه نبأ وفاة بشر في البصرة. فترك معظم الكوفيين وكثير من البصريين هذا المكان وعادوا أدراجهم ولم يقدر قادتهم على وقفهم حتى لم يبق معهم غير عدد قليل. وهذه النتيجة تلقي ضوءا على النظام العسكري في الجيش العراقي ومن العجيب أن العدو (أي الأزارقة) لم يستغل فيما يبدو هذا الموقف على أن المهلب كان لا يزال قويا للدفاع ضد هجومهم لو قاموا به فإن الأزد قومه وقوم جيشه بقوا إلى جانبه.
وتبين فيما بعد أن موت بشر كان كسبا عظيما للمهلب. فقد ولى مكانه في أوائل سنة 75 الحجاج بن يوسف الثقفي وكان يثق ثقة عظيمة بالمهلب هو حقا جدير بها وكان أول ما فعله الوالي الجديد (أي الحجاج) هو أنه رد الفارين من أهل الكوفة

(1) أحد أقرباء أبي مخنف الراوية.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست