الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٦٩
إليهم بالمهلب (1).. فبعث المهلب إليهم وولي إبراهيم بن الأشتر مكانه في الموصل وجهز المهلب جيشا في البصرة وتوجه للقاء الأزارقة ودارت بين الفريقين مناوشات استمرت ثمانية أشهر عند سولاف إلى أن حدثت معركة مسكن بن مصعب بن الزبير وعبد الملك بن مروان وقد انتهت المعركة بانتصار عبد الملك وهزيمة مصعب وقتله فبلغ نبأ قتله الخوارج قبل أن يبلغ المهلب وأصحابه. فاستغل الخوارج هذه الفرصة ليفضحوا انعدام الرأي السياسي عند أهل البصرة. تواقف الخوارج على الخندق ونادوا أهل البصرة: (ما تقولون في مصعب؟) قالوا: (إمام هدى وهو ولينا في الدنيا والآخرة ونحن أولياءه). قالوا: (فما قولكم في عبد الملك؟) قالوا: (ذاك ابن اللعين نحن إلى الله منه براء هو عندنا أحل دما منكم). قالوا: (فإن عبد الملك قتل مصعبا ونراكم ستجعلون غدا عبد الملك إمامكم وأنتم الآن تتبرأون منه وتلعنون أباه) (2). قالوا: (كذبتم يا أعداء الله!) فلما كان من الغد تبين لهم قتل مصعب فبايع المهلب الناس لعبد الملك بن مروان وقد صدق الأزارقة في تقديرهم لحقيقة خصومهم (الطبري 2 / 753 وما يليها ص / 821 وما يليها وابن الأثير (4 / 273).
وهذه الحوادث تشغل فترة طويلة تمت من نهاية سنة 66 ه‍ (صيف سنة 686 م) إلى مستهل سنة 72 ه‍ إذ قتل مصعب بن الزبير في جمادي سنة 72 ه‍ (خريف سنة 691 م). وأبو مخنف لا يورد إلا القليل من التواريخ. وبعد مقتل المختار بن عبيد في 14 رمضان سنة 67 ه‍ (3 إبريل سنة 678) بقي مصعب في الكوفة عاما كاملا معزولا عن البصرة وتولى أمر البصرة خلال ذلك شخص آخر هو ابن أخيه حمزة ابن عبد الله بن الزبير (الطبري 2 / 752 س 13 - س 14) وأعيد إلى ولاية

(1) كان القباع - فيما يقول الطبري (2 / 764 س 18) - عاملا لمصعب بن الزبير على البصرة وكان عاملا له على الكوفة ويحق للمرء أن يتساءل عن صحة هذا الخبر.
(2) على الرغم من أن هذه الحكاية أجمل من أن تكون صحيحة لكنها مع ذلك ليست غير ممكنة. فإنه حين كان يتوقف القتال بالسلاح كان الفريقان يتابعان عراكهم بحد اللسان كما يتبين ذلك مما ورد في (الأغاني) (6 / 6 7 / 39) كذلك يروي (الأغاني) أنه حدث نقاش عنيف في معسكر المهلب حول أيهما أشعر: جرير أم الفرزدق؟ حتى احتكموا إلى أحد الخوارج وهو عبيدة ابن هلال ففصل جريرا.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست