الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٧٤
النجدات مع نجدة تماما. ذلك أنهم راحوا يتعقبونه ويأخذون عليه مخالفات شرعية وكانوا أشداء عليه حين كان يثبت أمامهم ويدافع عمن ولاهم ولا يشايعهم على رأيهم في أمور القتال وبالجملة تكالبوا عليه ولم يكونوا رهن إرادته. وكان أساس هذا كله تعارض عام. فالعرب في جيشه كانوا من أخلص أنصاره بينما كان الموالي يعارضونه ويبرزون في الطليعة واحدا منهم هو عبد ربه الصغير (1). وكان هناك منهم ثمانية آلاف وهم القراء وانضم إليهم بعض العرب بزعامة عمرو القنا ونشبت الحرب بين فريقي الخوارج فتهايجوا وانحازوا كل قوم إلى صاحبهم واستمر القتال مدة شهر تقريبا وأثر المهلب أن يعتصم بالهدوء إ خشي أن يكون هجومه عليهم خير سبب في جمع كلمتهم من جديد. وأخرجت العجم العرب من المدينة وأقام عبد ربه بها وخندق قطري على باب المدينة وجعل يناوشهم ثم ارتحل بعد مدة إلى طبرستان. فلم يكن أمام المهلب إلا الموالي بقيادة عبد ربه فهزمهم وقضى عليهم قضاءا تاما. وبهذا أدى المهلب واجبه وعاد إلى البصرة فاستقبل باحتفال عظيم وكوفئ بولاية خراسان (في سنة 78 ه‍).
وقد استمرت الحرب التي قام بها المهلب ضد الأزارقة في ولاية الحجاج ثلاث سنوات حسبما يقوله كعب الأشقري (الطبري 2 / 1014 س 1) فبدأت من بعد منتصف سنة 75 ه‍ وانتهت حوالي منتصف سنة 78 ه‍ وقد اختلط التسلسل في رواية أبي مخنف لأنه ورد في الطبري (ص / 1003) أنه بعد صرف عتاب بن ورقاء عن عسكره - وقد حدث ذلك في مستهل سنة 77 ه‍ - بقي المهلب حوالي عاما في فارس وعاما ونصف العام في كرمان يقتل. وهذا يؤدي بنا إلى حوالي نهاية سنة 79 ه‍. كذلك يمكن أن نستخلص مما أورده (الكامل) (ص / 676 س 18 677 س 75 وما يليه) أن عتابا لم يدعه الحجاج بالمسير إليه إلا بعد انتهاء الحملة في فارس وهذا وحده الشئ المقبول المتفق مع حقيقة الامر. إذ بهذا تتسق الاخبار

(1) (المترجم: يلاحظ أن اسمه في الطبري 2 / 1003 س 3) هو: عبد رب الكبير وقارن أيضا الطبري 2 / 1018 س 2).
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست