جيشا مؤلفا من ألف قيسي بعث به محمد ابن مروان (وهو يومئذ والي الجزيرة) في سوق دوغان وهم قائمون يصلون الضحى فلم يشعروا إلا والخيل طالعة عليهم فتفرقوا وهزموا (1). ثم التقى الفريقان مرة أخرى في آمد على الشاطئ الأيسر من الدجلة فكان قتال مرير لم يصبر له جيش صالح فأخلوا أرض الجزيرة ودخلوا نواحي الكوفة.
هنالك أصبح أمرهم مع الحجاج الذي أرسل إليهم جيشا من الكوفة يبلغ ثلاثة آلاف مقاتل. والتقى الجمعان في قرية يقال لها المدبح من أرض الموصل على تخوم ما بينها وبين أرض جوخي وذلك في يوم الثلاثاء السابع عشر من جمادي الأولى سنة 76 ه (الخميس 3 سبتمبر سنة 695 م) وانتهت في غير صالح الخوارج وأصيب صالح بن مسرح وقتل فمجد الخوارج ذكراه تمجيدا عظيما وحزنوا عليه حزنا بالغا. ولكن موته لم يكن خسارة فعلية لهم إذ بايعوا بعد قتله شبيب بن يزيد بن نعيم هو رجل كفاح حقيقي ومن أسرة عريقة وهي مرة بن همام من ذهل ابن شيبان. فتولى شبيب القيادة على البقية الباقية من رجال صالح وكانت تبلغ سبعين أو تسعين رجلا وزحف بهم في نواح الموصل على تخومها (2) حيث كان بمأمن من أهل الكوفة. ولم يكف هناك عن القتال بل شفى للخوارج من قبيلتي شيبان وعنزة. ومضى شبيب إلى أمه فحملها من السفح فأقبل بها ثم مضى إلى المدائن - وهي من نواحي الكوفة - ومعه 160 رجلا وتقع بين الدجلة والجبل أعني في أرض جوخي (3) عند النهروان وهي الأرض العتيقة للخوارج التي قدستها عظام شهداء الخوارج الأقدمين. وكان في تلك النواحي عدد كبير من أديرة النصارى كانت معسكرات ونقط ارتكاز ملائمة للمحاربين ولكن لم يكن لشبيب