الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٧٥
كلها هكذا: بعد منتصف سنة 75 بدأت الحرب في الأهواز واستمرت حتى بداية سنة 77 فاستمر القتال في فارس أكثر من سنة وعند منتصف سنة 78 انتهى القتال في كرمان بعد أن استمر حوالي سنة ونصف سنة.
وأبو مخنف (في الطبري 2 / 1018 وما يليها) هو وحده الذي يورد رواية محكمة عن الأزارقة العرب الذين ارتحلوا بقيادة قطري عبيدة بن هلال من كرمان إلى طبرستان وجه إليهم سفيان بن الأبرد الكلبي في جيش عظيم من أهل الشام كان قد قضى على شبيب عند نهر دجيل حوالي نهاية سنة 77 وساعده إسحاق بن محمد بن الأشعث بجيش لأهل الكوفة بطبرستان وكذلك ساعده جعفر بن عبد الرحمن بن مخنف بجيش من الري وساروا (في طلب قطري بن الفجاءة حتى لحقوه في شعب من شعاب طبرستان فقاتلوه فتفرق عنه أصحابه ووقع عن دابته في أسفل الشعب فقد هوى حتى خر إلى أسفله (الطبري 2 / 1018) فرآه هناك علج من أهل البلد وحدر عليه حجرا عظيما من فوقه دهدأه عليه فأصاب إحدى وركيه فأوهنته وصاح بنفر من أهل الكوفة فابتدروا قطريا فقتلوه وأخذه أبو الجهم بن كنانة الكلبي فحز رأسه وقدم به على الحجاج ثم أتى به عبد الملك بن مروان فألحق في الفئ وفرض لأبنائه في الديوان وكان أبو الجهم يطلب الثأر لأبيه عند قطري.
وبعد ذلك اتجه سفيان بن أبرد الكلبي إلى عبيدة بن هلال - وكان قد تحصن في قصر بقومس فحاصره فقاتله أياما ثم دعاه إلى التسليم فرفض عبيدة وقال قصيدة في ذلك فيها حزن وفيها عزم وقد حفظت لنا هذه القصيدة (أوردها الطبري 2 / 1021). فتفشى الجوع في الذين حوصروا بالقصر حتى أكلوا دوابهم ثم إنهم خرجوا للقاء سفيان فقاتلوه فقتلهم وبعث برؤوسهم إلى الحجاج. ولقوا مصيرهم هذا تقريبا في نفس الوقت الذي لقى فيه إخوانهم السابقون مصيرهم في جيرفت وذلك سنة 78 ه‍. وبهذا استؤصل الأزارقة من وجه الأرض. ولم يستمروا بعد ذلك على هيئة فرقة دينية لأنهم كانوا رجال عمل لا رجال نظر. لكن بقيت ذكراهم في الروايات المنقولة والاشعار حتى ظلوا يذكرون عدة سنوات في الشرق الاسلامي. وليس من اللائق أن يكتفي ببضع كلمات في الحديث عنهم في كتب التأريخ الحديثة. وكان لخلافاتهم الداخلية فيما بينهم أثر في القضاء عليهم لا يقل عن أثر براعة المهلب في حربهم وقد استطاع بفضل انتصاره عليهم أن ينال شهرة
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست