الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٦٧
والمتولين عليهم. ثم صاروا بعد ذلك أشد المتعصبين للخوارج كلما ينقص منهم يزيد فيهم ((الكامل) ص / 680 س 11). ورغم ذلك لم يكن الأزارقة جماعة من الدهماء والرعاع كما يدعي خصومهم بل بالعكس كانوا أتم سلاحا وعتادا من أولئك الخصوم. فقد كانت الغالبية فيهم من الفرسان. حقا لقد كانت الفروسية أيضا عند خصومهم الامر الرئيسي. حتى إذا كانوا فقدوا خيولهم كما حدث مرة بسبب نقص العلف (الطبري 2 / 828) عادوا إلى دورهم. ويروي (ص / 675 س 7 - س 8) أن المهلب بن أبي صفرة كان أول من أمر بضرب الركب من الحديد وهو أول من أمر بطبعها وذلك أن ركب الناس كان قديما من الخشب (فكان الرجل يضرب ركابه فينقطع فإذا أراد الضرب أو الطعن لم يكن له معتمد).
بعد هذه المعركة الطاحنة التي أصابت مقاتلي الأزارقة ارتحلوا عن الأهواز وساروا ناحية المشرق إلى الجبال. وبايعوا الزبير بن علي (وهو من بني سليط بن يربوع من رهط بن الماحوز). فاشتبكوا مع المهلب في عدة مناوشات خصوصا على حدود فارس والأهواز (1). ولما أصبح مصعب بن الزبير واليا على البصرة في نهاية سنة 66 ه‍ أو بداية سنة 67 ه‍ وبدأ القتال ضد المختار بن أبي عبيد رفع من مكان المهلب وبعد هزيمة المختار (في 14 رمضان سنة 67 ه‍ - 3 أبريل سنة 687 م) لم يبعث به إلى فارس (2) كما كان من قبل بل بعث به إلى الموصل لحماية حدود العراق من أهل الشام وفي نفس الوقت خلع ابنه - المغيرة بن المهلب - وكان ينوب عن أبيه حتى ذلك الحين في فارس (المجهول المؤلف) (ص / 11) (الكامل) (ص / 643) وولى مكانه عمر بن عبيد الله بن معمر وكان ذلك فيما يلوح سنة 67 أو في مستهل سنة 68 ه‍. فشخص إلى الخوارج الأزارقة فقاتلهم وهم بقيادة الزبير ابن علي السليطي عن سابور (واصطخر) فهزمهم فانسحبوا إلى نواحي أصفهان وكرمان (3) ولكنهم احتشدوا من جديد وزحفوا بعد فترة خلال بلاد فارس

(1) (المجهول المؤلف) (ص / 110) و (الكامل) (ص / 641) وفي هذا الوقت انكسفت الشمس (الكامل) (ص / 641 س 8) ولابد أن يكون ذلك الكسوف قد وقع في صيف سنة 686 م.
(2) ورد هاهنا خطأ في ابن الأثير (4 / 232).
(3) يبدو أن كرمان كانت كلها تحت سلطان الخوارج فمن هناك كانوا يخرجون ثم إليها يعودون.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست