الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٥٦
واضطروهم إلى الفرار واللحاق بنافع بن الأزرق (إلا قليلا منهم ممن لم يكن أراد الخروج في يومه ذلك: منهم عبد الله بن صفار وعبد الله ابن إباض ورجال معهما على رأيهما) (الطبري 2 / 518). وكان خلافهما مع ابن الأزرق يقوم على أساس أن هذا الأخير يرى أن الله حرم على المسلم الصحيح الايمان المقام بين أظهر المشركين بل عليه مفارقتهم نهائيا. على أن ابن صفار وابن إباض قد اختلفا هما أيضا فيما بينهما. واجتمع لابن الأزرق معظم الخوارج واشتدت شوكته (وكثرت جموعه. وأقبل نحو البصرة حتى دنا من الجسر فبعث إليه عبد الله بن الحارث مسلم بن عبيس بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف - في أهل البصرة) (الطبري 2 / 520).
وترى بعض المصادر الأخرى - وبها يأخذ برنوف (ص / 38) - أن عبيد الله نفسه هو الذي أطلق سراح الخوارج من السجن والبصريين منهم بخاصة وأن الخوارج قد اشتركوا في تنازع القبائل في البصرة مع بني تميم ضد الأزد. ولكن هذا يضفي نورا كاذبا تماما على موقف أهل البصرة من الخوارج. فأهل البصرة كانوا يبغضون الخوارج أشد البغض. ولم يشذ بنو تميم عن سائر أهل البصرة في ذلك رغم ما يقوله برنوف وإنما الذي أعان بني تميم على الأزد هم الأساورة ولو أن عبيد الله هو الذي سرح الخوارج من السجن لما أرضى أهل البصرة هذا إن لم يكن الأصح هو ما يقوله أبو مخنف وهو أن الخوارج هم الذين كسروا أبواب السجون وخرجوا منها (1).
والهدف الرئيسي الذي يستهدف أبو مخنف هو أن يروي تفرق الخوارج إلى فرق.
فالأسماء التي يذكرها هي (باستثناء أبناء الماحوز) في الوقت نفسه أسماء مؤسسي فرق وأحزاب: فالأزارقة هم أصحاب نافع بن الأزرق والصفرية أصحاب عبد الله ابن صفار والأباضية أصحاب عبد الله بن إباض والبيهسية أصحاب أبي بيهس (2)

(1) الطبري (2 / 433 س 20 ص / 441 س 1 ص / 442 س 5 ص / 517 س 20) ويبدو في الواقع أن عبيد الله بن زياد إنما أطلق سراح المسجونين عند بدء ولايته (الكامل) (ص / 594) لا عند منتهاها.
(2) [المترجم: في نص المؤلف: (ابن) بيس - والصواب كما أثبتنا - راجع (الكامل) (ص / 604 س 11 ص / 616 س 2 ص / 168 س 10 إلخ)].
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست