الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٤٥
ولعلي وكانوا بهذا خصوما للخوارج. فأمن جميع الحاضرين على قوله (غير سليم بن محدوج فإنه لم يقل شيئا. فرجع إلى قومه كئيبا واجما يكره إن يخرج أصحابه من منزله فيلوموه... ويكره أن يطلبوا في داره فيهلكوا ويهلك) الطبري (1 / 35). بيد أن المستورد أخرجه من ورطته وحيرته وذلك بأن قرر بنفسه الارتحال ومن معه من منزل سليم. (فبعث المستورد إلى أصحابه فقال لهم:
اخرجوا من هذه القبيلة لا يصب امرءا مسلما في سببنا بغير معرة... فخرجوا إليها متقطعين من أربعة وخمسة وعشرة فتتاموا بها ثلاثمائة رجل. ثم ساروا إلى الصراة فباتوا بها ليلة) (2 / 37). غير أن المغيرة بن شعبة أخبر خبرهم فدعا رؤساء الناس وسألهم من يريد الذهاب لمقاتلتهم. وكانوا من الشيعة فتحمسوا جميعا لقتالهم. وكان من أشدهم حماسة صعصعة بن صوحان العبدي فقام وقال: (ابعثني إليهم أيها الأمير! فأنا والله لدمائهم مستحل وبحملها مستقل. فقال المغيرة: اجلس فإنما أنت خطيب. وإنما قال ذلك لأنه بلغه أنه يعيب عثمان بن عفان ويكثر ذكر علي ويفضله) الطبري (2 / 38). واختار المغيرة معقل بن قيس التميمي فخرج على رأس جيش يبلغ (ثلاثة آلاف: نقاوة الشيعة وفرسانهم) (2 / 39).
2 - الخوارج.. والاستقرار بالمدائن:
ويروي أبو مخنف حكاية عن عبد الله بن عقبة الغنوي أنه قال: (كنت فيمن خرج مع المستورد بن علفة وكنت أحدث رجل فيهم.... فخرجنا حتى أتينا الصراة فأقمنا بها حتى تتامت جماعتنا ثم خرجنا حتى انتهينا إلى بهرسبر (1).
فدخلناها). وأرادوا أن يعبروا الجسر على الدجلة إلى المدينة العتيقة أعني المدائن ولكن سماك بن عبيد العبسي - وكان عاملا للمغيرة على المدائن - قطع الجسر عليهم ومنعهم من دخول المدائن فكتب إليه المستورد كتابا يقول فيه: (نقمنا على قومنا الجور في الاحكام وتعطيل الحدود والاستئثار بالفئ. وإنا ندعوك إلى كتاب الله - عز وجل! - وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم! - وولاية أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما

(1) في مواجهة المدائن (- طيفشون) واسمها في اليونانية (سلوقية). ووردت عند ثيوفانس (333 / 18) (نشرة دي بور) برسم: Guedesir كما أن أردشير وردت برسم:
Adesir. راجع ترجمة نيلدكة لفصل (الفرس) من (تاريخ الطبري) (10 / تعليق 3).
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست