إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٩ - الصفحة ٤

الخزاعي، فحلقه.
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد، عن ابن عباس: حلق رجال يومئذ وقصر آخرون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين... الحديث، وفي آخره قالوا: يا رسول الله! لم ظاهرت للمحلقين دون المقصرين؟ قال: لأنهم لم يشكوا.
قال ابن إسحاق: قال الزهري في حديثه: ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا، حتى إذا كان بين مكة والمدينة، ونزلت سورة الفتح - فذكر الحديث في تفسيرها إلى أن قال: - قال الزهري: فما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم من فتح الحديبية. (فتح الباري):
٥ / ٤١٢ كتاب الشروط باب (١٥) الشروط في الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب، وكتابه الشروط حديث رقم (2731، 2732) مع اختصار الشرح.
(3) عمرة القضاء، تسمى بعمرة القضية، لأنه صلى الله عليه وسلم قاضى فيها قريشا، لا لأنها قضاء عن العمرة التي صد عنها، لأنها لم تكن فسدت حتى يجب قضاؤها، بل كانت عمرة تامة، ولهذا عدوا عمرات رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا.
وقال آخرون بل كانت قضاء عن العمرة الأولى، وعدوا عدة الحديبية في العمر لثبوت الأجر فيها. لا لأنها كملت، وهذا الخلاف مبني على الاختلاف في وجوب القضاء على من اعتمر فصد عن البيت، فقال الجمهور: يجب عليه الهدي ولا قضاء عليه.
وعند أبي حنيفة عكسه، وعن أحمد رواية: أنه لا يلزمه هدي ولا قضاء، وأخرى: أنه يلزمه القضاء والهدي.
فحجة الجمهور: قوله تبارك وتعالى: (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) [البقرة: 196].
وحجة أبي حنيفة: أن العمرة تلزم بالشروع، فإذا أحصر جاز له تأخيرها فإذا زال الحصر أتى بها، ولا يلزم من التحلل بين الإحرامين سقوط القضاء.
وحجة من أوجبها: ما وقع للصحابة، فإنهم نحروا الهدي حيث صدوا واعتمروا من قابل وساقوا الهدي.
وحجة من لم يوجبها: أن تحللهم بالحصر لم يتوقف على نحر الهدي بل أمر من معه هدي أن ينحر، ومن ليس معه هدي أن يحلق.
قال الحاكم في (الإكليل): تواترت الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم لما هل ذو القعدة - يعني سنة سبع - أمر أصحابه أن يعتمروا قضاء لعمرتهم التي صدهم المشركون عنها بالحديبية، وأن لا يتخلف أحد ممن شهد الحديبية، فلم يتخلف منهم إلا رجال استشهدوا بخيبر، ورجال ماتوا.
وخرج معه من المسلمين ألفان، واستخلف على المدينة أبا رهم الغفاري، وساق صلى الله عليه وسلم ستين بدنة، وحمل السلاح، وقاد مائة فرس، فلما انتهى إلى ذي الحليفة قدم الخيل أمامه، عليها محمد بن مسلمة، وقدم السلاح، واستعمل عليه بشير بن سعد رضي الله تبارك وتعالى عنه.
وأحرم صلى الله عليه وسلم ولبى، والمسلمون يلبون معه، ومضى محمد بن مسلمة في الخيل إلى مر الظهران، فوجد بها نفرا من قريش، فسألوا فقال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح هذا المنزل غدا إن شاء الله تعالى. فأتوا قريشا فأخبروهم ففزعوا.
ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران وقدم السلاح إلى بطن يأجج [موضع بمكة] حيث ينظر إلى أنصاب الحرم [أي إلى حدوده]، وخلف عليه أوس بن خولي الأنصاري في مائتي رجل، وخرجت قريش من مكة إلى رؤوس الجبال.
وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي أمامه، فحبس بذي طوى، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته القصواء، والمسلمون متوشحون السيوف محدقدون برسول الله صلى الله عليه وسلم يلبون، فدخل من الثنية التي تطلعه على الحجون، وابن رواحة آخذ بزمام راحلته، ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى استلم الركن بمحجنه مضطبعا بثوبه، وطاف على راحلته والمسلمون يطوفون معه وقد اضطبعوا بثيابهم.
ثم طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة على راحلته، فلما كان الطواف السابع عند فراغه - وقد وقف الهدي عند المروة - قال: هذا المنحر وكل فجاج مكة منحر، وحلق هناك وكذلك فعل المسلمون.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا منهم أن يذهبوا إلى أصحابهم ببطن يأجج فيقيموا على السلاح، ويأتي الآخرون فيقضوا نسكهم ففعلوا وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثا: (المواهب اللدنية): 1 / 540 - 546 مختصرا.
قال ابن سعد: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، عن داود بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن مزاحم، عن عبد العزيز بن عبد الملك، عن محرش الكعبي، هكذا قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا من الجعرانة ثم رجع كبائت، قال: فلذلك خفيت عمرته على كثير من الناس، قال داود: عام الفتح.
ثم قال: أخبرنا موسى بن داود، أخبرنا ابن لهيعة عن عياض بن عبد الرحمن، عن محمد بن جعفر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة، وقال: اعتمر منها سبعون نبيا. (طبقات ابن سعد): 2 / 171 - 172، ذكر عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن سعد: أخبرنا الهيثم بن خارجة، أخبرنا يحيى بن حمزة عن أبي وهب عن مكحول أنه سئل: كيف حج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن حج معه من أصحابه؟ فقال: حج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن حج معه من أصحابه معهم النساء والولدان، قال مكحول: تمتعوا بالعمرة إلى الحج، فحلوا فأحل لهم ما يحل للحلال من النساء والطيب. (طبقات ابن سعد): 2 / 176.
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 4 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر عمرات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي اعتمرها بعد هجرته 3
2 عمرة القضاء 17
3 عمرة الجعرانة 22
4 فصل في ذكر حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة 25
5 فصل في ذكر من حدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم 38
6 فأما ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جلت قدرته 38
7 وأما الأحاديث الإلهية 46
8 وأما الحكمة وهي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم 48
9 وأما مجيء الجبال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 51
10 وأما إنزال الملك يبشره بالفاتحة وبالآيتين من سورة البقرة 52
11 وأما الملك الذي نزل بتصويب الحباب 52
12 وأما اجتماعه بالأنبياء ورؤيتهم في ليله الإسراء 53
13 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إبراهيم عليه السلام 53
14 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تميم الدارس 62
15 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قس بن ساعدة 68
16 وأما حديثه صلى الله عليه وسلم عن أبي كبشة 70
17 فصل في ذكر من حديث وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه 70
18 إسلام الجن وإنذارهم 70
19 وأما الصحابة رضوان الله عليهم 81
20 أما المهاجرون 85
21 ذكر هجرة الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 87
22 وأما السابقون الأولون 88
23 وأما الذين أسلموا إلى أن خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم 91
24 وأما المستضعفون الذين عذبوا في الله 105
25 وأما المهاجرون إلى الحبشة 115
26 وأما من أسلم قبل الفتح 117
27 وأما الذين شهدوا بدرا وبيعة الرضوان 121
28 وأما رفقاؤه النجباء 128
29 وأما أهل الفتيا من أصحابه صلى الله عليه وسلم 130
30 فصل في ذكر أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم 169
31 فصل في ذكر نزول الأوس والخزرج بيثرب 171
32 فصل في ذكر بطون الأوس والخزرج 175
33 فصل في ذكر ما أكرم الله تعالى به الأوس والخزرج 178
34 أول من لقيه من الأوس سويد بن الصامت 184
35 ثم لقى صلى الله عليه وسلم بعد لقاء سويد بن الصامت فتية من بني عبد الأشهل 185
36 وكان من خبر يوم بعاث 187
37 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وهجرته إلى المدينة 193
38 فصل في ذكر مواساة الأنصار المهاجرين بأموالهم لما قدموا عليهم المدينة 204
39 فصل في ذكر من بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الأنصار وغيرهم القرآن ويفقهم في الدين 206
40 عقوبة من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 209
41 فصل في التنبيه على شرف مقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 221
42 وأما وصاياه صلى الله عليه وسلم 222
43 فصل في ذكر أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم 223
44 فأما اعتذاره عن التخلف 223
45 فصل في ذكر من أستخلفه رسول اله صلى الله عليه وسلم على المدينة في غيبته عنها في غزو، أو حج، أو عمرة 226
46 فصل في ذكر من استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيوشه عند عودته صلى الله عليه وسلم 228
47 فصل في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب 237
48 فصل في ذكر شورة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرب وذكر من رجع إلى رأيه 240
49 فصل في ذكر ما كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا 267
50 فصل في ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورى بغيرها 268
51 فصل في وقت إغارة رسول الله صلى الله عليه وسلم 269
52 فصل في ذكر الوقت الذي يقاتل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم 271
53 فصل في ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين في محاربتهم 272
54 فصل في ذكر شعار رسول الله صلى الله عليه وسلم في حروبه 275
55 فصل في ذكر المغازي التي قاتل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم 277
56 فصل في ذكر ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة 279
57 فصل في ذكر من جعله النبي صلى الله عليه وسلم على مغانم حروبه 290
58 فصل في ذكر من كان على ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم 301
59 فصل في ذكر من حدا برسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره 302
60 فصل في ذكر وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم 318
61 فصل في ذكر صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم 322
62 فصل في ذكر خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يختم به 335
63 فصل في ذكر ما كان يختم به رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبه 337
64 فصل في ذكر صاحب خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم 338
65 فصل في ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة الجيش وقسمة العطاء فيهم وعرضهم وعرفائهم 339
66 فصل في ذكر ما أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأرضية ونحوه 358
67 فصل في ذكر أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية والخراج 365
68 فصل في ذكر عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجزية 375
69 فصل في ذكر عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزكاة 376
70 فصل في ذكر الصدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم 380
71 فصل في ذكر الخارص على عهد رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم 381
72 فصل في ذكر من ولى السوق في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعرف هذه الولاية اليوم بالحسبة، ومتوليها له المحتسب 386