الخزاعي، فحلقه.
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد، عن ابن عباس: حلق رجال يومئذ وقصر آخرون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين... الحديث، وفي آخره قالوا: يا رسول الله! لم ظاهرت للمحلقين دون المقصرين؟ قال: لأنهم لم يشكوا.
قال ابن إسحاق: قال الزهري في حديثه: ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا، حتى إذا كان بين مكة والمدينة، ونزلت سورة الفتح - فذكر الحديث في تفسيرها إلى أن قال: - قال الزهري: فما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم من فتح الحديبية. (فتح الباري):
٥ / ٤١٢ كتاب الشروط باب (١٥) الشروط في الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب، وكتابه الشروط حديث رقم (2731، 2732) مع اختصار الشرح.
(3) عمرة القضاء، تسمى بعمرة القضية، لأنه صلى الله عليه وسلم قاضى فيها قريشا، لا لأنها قضاء عن العمرة التي صد عنها، لأنها لم تكن فسدت حتى يجب قضاؤها، بل كانت عمرة تامة، ولهذا عدوا عمرات رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا.
وقال آخرون بل كانت قضاء عن العمرة الأولى، وعدوا عدة الحديبية في العمر لثبوت الأجر فيها. لا لأنها كملت، وهذا الخلاف مبني على الاختلاف في وجوب القضاء على من اعتمر فصد عن البيت، فقال الجمهور: يجب عليه الهدي ولا قضاء عليه.
وعند أبي حنيفة عكسه، وعن أحمد رواية: أنه لا يلزمه هدي ولا قضاء، وأخرى: أنه يلزمه القضاء والهدي.
فحجة الجمهور: قوله تبارك وتعالى: (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) [البقرة: 196].
وحجة أبي حنيفة: أن العمرة تلزم بالشروع، فإذا أحصر جاز له تأخيرها فإذا زال الحصر أتى بها، ولا يلزم من التحلل بين الإحرامين سقوط القضاء.
وحجة من أوجبها: ما وقع للصحابة، فإنهم نحروا الهدي حيث صدوا واعتمروا من قابل وساقوا الهدي.
وحجة من لم يوجبها: أن تحللهم بالحصر لم يتوقف على نحر الهدي بل أمر من معه هدي أن ينحر، ومن ليس معه هدي أن يحلق.
قال الحاكم في (الإكليل): تواترت الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم لما هل ذو القعدة - يعني سنة سبع - أمر أصحابه أن يعتمروا قضاء لعمرتهم التي صدهم المشركون عنها بالحديبية، وأن لا يتخلف أحد ممن شهد الحديبية، فلم يتخلف منهم إلا رجال استشهدوا بخيبر، ورجال ماتوا.
وخرج معه من المسلمين ألفان، واستخلف على المدينة أبا رهم الغفاري، وساق صلى الله عليه وسلم ستين بدنة، وحمل السلاح، وقاد مائة فرس، فلما انتهى إلى ذي الحليفة قدم الخيل أمامه، عليها محمد بن مسلمة، وقدم السلاح، واستعمل عليه بشير بن سعد رضي الله تبارك وتعالى عنه.
وأحرم صلى الله عليه وسلم ولبى، والمسلمون يلبون معه، ومضى محمد بن مسلمة في الخيل إلى مر الظهران، فوجد بها نفرا من قريش، فسألوا فقال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح هذا المنزل غدا إن شاء الله تعالى. فأتوا قريشا فأخبروهم ففزعوا.
ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران وقدم السلاح إلى بطن يأجج [موضع بمكة] حيث ينظر إلى أنصاب الحرم [أي إلى حدوده]، وخلف عليه أوس بن خولي الأنصاري في مائتي رجل، وخرجت قريش من مكة إلى رؤوس الجبال.
وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي أمامه، فحبس بذي طوى، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته القصواء، والمسلمون متوشحون السيوف محدقدون برسول الله صلى الله عليه وسلم يلبون، فدخل من الثنية التي تطلعه على الحجون، وابن رواحة آخذ بزمام راحلته، ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى استلم الركن بمحجنه مضطبعا بثوبه، وطاف على راحلته والمسلمون يطوفون معه وقد اضطبعوا بثيابهم.
ثم طافرسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة على راحلته، فلما كان الطواف السابع عند فراغه - وقد وقف الهدي عند المروة - قال: هذا المنحر وكل فجاج مكة منحر، وحلق هناك وكذلك فعل المسلمون.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا منهم أن يذهبوا إلى أصحابهم ببطن يأجج فيقيموا على السلاح، ويأتي الآخرون فيقضوا نسكهم ففعلوا وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلمبمكة ثلاثا: (المواهب اللدنية): 1 / 540 - 546 مختصرا.
قال ابن سعد: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، عن داود بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن مزاحم، عن عبد العزيز بن عبد الملك، عن محرش الكعبي، هكذا قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا من الجعرانة ثم رجع كبائت، قال: فلذلك خفيت عمرته على كثير من الناس، قال داود: عام الفتح.
ثم قال: أخبرنا موسى بن داود، أخبرنا ابن لهيعة عن عياض بن عبد الرحمن، عن محمد بن جعفر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة، وقال: اعتمر منها سبعون نبيا. (طبقات ابن سعد): 2 / 171 - 172، ذكر عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن سعد: أخبرنا الهيثم بن خارجة، أخبرنا يحيى بن حمزة عن أبي وهب عن مكحول أنه سئل: كيف حجرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن حج معه من أصحابه؟ فقال: حجرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن حج معه من أصحابه معهم النساء والولدان، قال مكحول: تمتعوا بالعمرة إلى الحج، فحلوا فأحل لهم ما يحل للحلال من النساء والطيب. (طبقات ابن سعد): 2 / 176.