سراقة بن مالك بن جشعم [فقال: يا رسول الله] (1)! ألعامنا هذا أم لا بد؟
فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه، واحدة في الأخرى، وقال: دخلت العمرة في الحج مرتين، لا بل أبدا أبدا.
وقدم علي بن أبي طالب رضي الله تبارك وتعالى عنه (2) من اليمن ببدن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد فاطمة (3) رضي الله تبارك وتعالى عنها ممن حل ولبست ثيابا صبيغا، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: أبي أمرني بهذا، قال: وكان علي يقول بالعراق فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا على فاطمة رضي الله تبارك وتعالى عنها للذي صنعت، مستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم [فيما] (4) ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال: صدقت، صدقت، ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله (5) صلى الله عليه وسلم، قال: فإن معي [الهدي فلا تحل].
قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به على من اليمن، والذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم مائه، قال: فحل الناس كلهم وقصروا، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية، توجهوا إلى منى، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، ثم مكث قليلا، حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر، فضربت (6) له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش، إلا أنه واقف عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس، أمر صلى الله عليه وسلم بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال: إن دماءكم