ورسوله ولا أفر يوم الزحف. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقت! فاستشهد يومئذ وقال إياس بن أوس بن عتيك: يا رسول الله، نحن بنو عبد الأشهل من البقر المذبح، نرجوا يا رسول الله أن نذبح في القوم ويذبح فينا، فنصير إلى الجنة، ويصيرون إلى النار. مع أني يا رسول الله لا أحب أن ترجع قريش إلى قومها فيقولون: حصرنا محمدا في صياصي يثرب وآطامها! فيكون هذا جرأة لقريش، وقد طئوا سعفنا، فإذا لم نذب عن عرضنا لم نزرع، وقد كنا يا رسول الله في جاهليتنا والعرب يأتوننا فلا يطمعون بهذا منا حتى نخرج إليهم بأسيافنا حتى نذبهم عنا، فنحن اليوم أحق إذ أيدنا الله بك، وعرفنا مصيرنا، لا نحصر أنفسنا في بيوتنا.
وقام خيثمة أبو سعد بن خيثمة فقال: يا رسول الله، إن قريشا مكثت حولا تجمع الجموع وتستجلب العرب في بواديها ومن تبعها من أحابيشها، ثم جاؤنا وقد قادوا الخيل، وامتطوا الإبل، حتى نزلوا بساحتنا فيحصروننا في بيوتنا وصياصينا، ثم يرجعون وافرين لم يكلموا، فيجرئهم ذلك علينا حتى يشون الغارات علينا، ويصيبوا أطرافنا ويضعوا العيون والأرصاد علينا مع ما قد صنعوا بحروثنا، ويجترئ علينا العرب حولنا حتى يطعموا فينا إذا رأونا لم نخرج إليهم، فنذبهم عن جوارنا وعسى الله أن يظفرنا بهم فتلك عادة الله عندنا، أو تكون الأخرى فهي الشهادة. لقد أخطأتني وقعة بدر وقد كنت عليها حريصا، لقد بلغ من حرصي أن ساهمت ابني في الخروج فخرج سهمه فرزق الشهادة، وقد كنت حريصا على الشهادة. وقد رأيت ابني البارحة في النوم أحسن صورة، يسرح في ثمار الجنة وأنهارها وهو يقول: ألحق بنا ترافقنا في الجنة، فقد وجدت ما وعدني ربي حقا، وقد والله يا رسول الله أصبحت مشتاقا إلى مرافقته في الجنة وقد كبرت سني، ورق عظمي، وأحببت لقاء ربي، فادع الله يا رسول الله أن يرزقني الشهادة ومرافقة سعد في الجنة. فدعى له رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقتل بأحد شهيدا.
وقال أنس بن قتادة: يا رسول الله، هي إحدى الحسنيين، إما الشهادة وإما الغنيمة والظفر في قتلهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أخاف عليكم الهزيمة،