إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٩ - الصفحة ٢١٠
قال: [أغلظ رجل لأبي بكر الصديق فقلت: أقتله]؟ فانتهرني، وقال: ليس هذا لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).

(1) (سنن النسائي): 7 / 25، كتاب التحريم، باب (16) الحكم فيمن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم (4082)، وسياقه مضطرب في (الأصل)، وما بين الحاصرتين تصويب للسياق من (سنن النسائي).
وأخرج النسائي في باب (17) ذكر الاختلاف على الأعمش في هذا الحديث: الحديث رقم (4083)، (4084)، (4085) بسياقات مختلفة من طرق كلها عن أبي برزة.
وعن أبي برزة أيضا أخرجه أبو داود في (السنن): 4 / 530 - 531، كتاب الحدود، باب (2) الحكم فيمن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (4363). وقال الخطابي في (معالم السن): أخبرني الحسن بن يحيى عن ابن المنذر قال: قال أحمد بن حنبل في معنى هذا الحديث: أي لم يكن لأبي بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه أن يقتل رجلا إلا بإحدى الثلاث التي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كفر بعد إيمان، وزنا بعد إحصان، وقتل نفس بغير نفس "، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل.
قال: وفيه دليل على أن التعزير ليس بواجب، وللإمام أم يعزر فيما يستحق به التأديب، وله أن يعفو فلا يفعل ذلك. (معالم السنن).
وقال الإمام ابن تيمية في (الصارم المسلول): من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسلم أو كافر فإنه يجب قتله، هذا مذهب عليه عامة أهل العلم. قال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن حد من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم القتل. وممن قاله: مالك، والليث، وأحمد، وإسحاق، وهو مذهب الشافعي. قال:
وحكى عن النعمان: لا يقتل، يعني الذي هم عليه من الشرك أعظم، وقد حكى أبو بكر الفارسي من أصحاب الشافعي إجماع المسلمين على أن حد من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم القتل، كما أن حد من سب غيره الجلد.
وإن الإجماع الذي حكاه هذا محمول على إجماع الصدر الأول من الصحابة والتابعين أو أنه أراد به إجماعهم على أن ساب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب قتله إذا كان مسلما، وكذلك قيد القاضي عياض، فقال: أجمعت الأمة على قتل متنقصه من المسلمين وسابه، وكذلك حكى عن غير واحد الإجماع على قتله وتكفيره.
وقال الإمام إسحاق بن راهويه - أحد الأئمة الأعلام - أجمع المسلمون على أن من سب الله، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئا مما أنزل الله عز وجل، أو قتل نبيا من أنبياء الله عز وجل: أنه كافر بذلك، وإن كان مقرا بكل ما أنزل الله.
قال الخطابي: لا أعلم أحدا من المسلمين اختلف في وجوب قتله. وقال محمد بن سحنون: أجمع العلماء على أن شاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمتنقص له كافر، والوعيد جاء عليه بعذاب الله له، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر.
وتحرير القول فيه: أن الساب إن كان مسلما فإنه يكفر ويقتل بغير خلاف، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، وقد تقدم من حكم الإجماع على ذلك إسحاق بن راهويه وغيره، وإن كان ذميا فإنه يقتل أيضا في مذهب مالك وأهل المدينة، وسيأتي حكاية ألفاظهم، وهو مذهب أحمد وفقهاء الحديث. وقد نص أحمد على ذلك في مواضع متعددة قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: كل من شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تنقصه مسلما كان أو كافرا فعليه القتل، وأرى أن يقتل ولا يستتاب. قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: كل من نقض العهد وأحدث في الإسلام حدثا مثل هذا رأيت عليه القتل، وليس على هذا أعطوا العهد والذمة.
وكذلك قال أبو الصفراء: سألت أبا عبد الله عن رجل من أهل الذمة شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ماذا عليه؟ قال: إذا قامت البينة عليه يقتل من شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسلما كان أو كافرا، رواهما الخلال.
وفي رواية عبد الله وأبي طالب وقد سئل عن شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يقتل، قيل له:
فيه أحاديث؟ قال: نعم، أحاديث منها: حديث الأعمى الذي قتل المرأة، قال: سمعتها تشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث حصين أن ابن عمر قال: من شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل.
وكان عمر بن العزيز يقول: يقتل، وذلك أنه من شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مرتد عن الإسلام، ولا يشتم مسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم. زاد عبد الله: سألت أبي عمن شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستتاب؟ قال: قد وجب عليه القتل، ولا يستتاب، لأن خالد بن الوليد قتل رجلا شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستتبه، رواهما أبو بكر في (الشافي).
وفي رواية أبي طالب: سئل أحمد عمن شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يقتل، قد نقض العهد وقال جرير: سألت أحمد عن رجل من أهل الذمة شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يقتل إذا شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواهما الخلال، وقد نص على هذا في غير هذه الجوابات، فأقواله كلها نص في وجوب قتله، وفي أنه قد نقض العهد وليس عنه في هذا اختلاف. (الصارم المسلول على شاتم الرسول): 3 - 5.
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر عمرات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي اعتمرها بعد هجرته 3
2 عمرة القضاء 17
3 عمرة الجعرانة 22
4 فصل في ذكر حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة 25
5 فصل في ذكر من حدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم 38
6 فأما ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جلت قدرته 38
7 وأما الأحاديث الإلهية 46
8 وأما الحكمة وهي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم 48
9 وأما مجيء الجبال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 51
10 وأما إنزال الملك يبشره بالفاتحة وبالآيتين من سورة البقرة 52
11 وأما الملك الذي نزل بتصويب الحباب 52
12 وأما اجتماعه بالأنبياء ورؤيتهم في ليله الإسراء 53
13 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إبراهيم عليه السلام 53
14 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تميم الدارس 62
15 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قس بن ساعدة 68
16 وأما حديثه صلى الله عليه وسلم عن أبي كبشة 70
17 فصل في ذكر من حديث وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه 70
18 إسلام الجن وإنذارهم 70
19 وأما الصحابة رضوان الله عليهم 81
20 أما المهاجرون 85
21 ذكر هجرة الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 87
22 وأما السابقون الأولون 88
23 وأما الذين أسلموا إلى أن خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم 91
24 وأما المستضعفون الذين عذبوا في الله 105
25 وأما المهاجرون إلى الحبشة 115
26 وأما من أسلم قبل الفتح 117
27 وأما الذين شهدوا بدرا وبيعة الرضوان 121
28 وأما رفقاؤه النجباء 128
29 وأما أهل الفتيا من أصحابه صلى الله عليه وسلم 130
30 فصل في ذكر أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم 169
31 فصل في ذكر نزول الأوس والخزرج بيثرب 171
32 فصل في ذكر بطون الأوس والخزرج 175
33 فصل في ذكر ما أكرم الله تعالى به الأوس والخزرج 178
34 أول من لقيه من الأوس سويد بن الصامت 184
35 ثم لقى صلى الله عليه وسلم بعد لقاء سويد بن الصامت فتية من بني عبد الأشهل 185
36 وكان من خبر يوم بعاث 187
37 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وهجرته إلى المدينة 193
38 فصل في ذكر مواساة الأنصار المهاجرين بأموالهم لما قدموا عليهم المدينة 204
39 فصل في ذكر من بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الأنصار وغيرهم القرآن ويفقهم في الدين 206
40 عقوبة من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 209
41 فصل في التنبيه على شرف مقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 221
42 وأما وصاياه صلى الله عليه وسلم 222
43 فصل في ذكر أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم 223
44 فأما اعتذاره عن التخلف 223
45 فصل في ذكر من أستخلفه رسول اله صلى الله عليه وسلم على المدينة في غيبته عنها في غزو، أو حج، أو عمرة 226
46 فصل في ذكر من استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيوشه عند عودته صلى الله عليه وسلم 228
47 فصل في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب 237
48 فصل في ذكر شورة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرب وذكر من رجع إلى رأيه 240
49 فصل في ذكر ما كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا 267
50 فصل في ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورى بغيرها 268
51 فصل في وقت إغارة رسول الله صلى الله عليه وسلم 269
52 فصل في ذكر الوقت الذي يقاتل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم 271
53 فصل في ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين في محاربتهم 272
54 فصل في ذكر شعار رسول الله صلى الله عليه وسلم في حروبه 275
55 فصل في ذكر المغازي التي قاتل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم 277
56 فصل في ذكر ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة 279
57 فصل في ذكر من جعله النبي صلى الله عليه وسلم على مغانم حروبه 290
58 فصل في ذكر من كان على ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم 301
59 فصل في ذكر من حدا برسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره 302
60 فصل في ذكر وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم 318
61 فصل في ذكر صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم 322
62 فصل في ذكر خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يختم به 335
63 فصل في ذكر ما كان يختم به رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبه 337
64 فصل في ذكر صاحب خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم 338
65 فصل في ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة الجيش وقسمة العطاء فيهم وعرضهم وعرفائهم 339
66 فصل في ذكر ما أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأرضية ونحوه 358
67 فصل في ذكر أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية والخراج 365
68 فصل في ذكر عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجزية 375
69 فصل في ذكر عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزكاة 376
70 فصل في ذكر الصدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم 380
71 فصل في ذكر الخارص على عهد رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم 381
72 فصل في ذكر من ولى السوق في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعرف هذه الولاية اليوم بالحسبة، ومتوليها له المحتسب 386