قال: [أغلظ رجل لأبي بكر الصديق فقلت: أقتله]؟ فانتهرني، وقال: ليس هذا لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
(1) (سنن النسائي): 7 / 25، كتاب التحريم، باب (16) الحكم فيمن سبرسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم (4082)، وسياقه مضطرب في (الأصل)، وما بين الحاصرتين تصويب للسياق من (سنن النسائي).
وأخرج النسائي في باب (17) ذكر الاختلاف على الأعمش في هذا الحديث: الحديث رقم (4083)، (4084)، (4085) بسياقات مختلفة من طرق كلها عن أبي برزة.
وعن أبي برزة أيضا أخرجه أبو داود في (السنن): 4 / 530 - 531، كتاب الحدود، باب (2) الحكم فيمن سبرسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (4363). وقال الخطابي في (معالم السن): أخبرني الحسن بن يحيى عن ابن المنذر قال: قال أحمد بن حنبل في معنى هذا الحديث: أي لم يكن لأبي بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه أن يقتل رجلا إلا بإحدى الثلاث التي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كفر بعد إيمان، وزنا بعد إحصان، وقتل نفس بغير نفس "، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل.
قال: وفيه دليل على أن التعزير ليس بواجب، وللإمام أم يعزر فيما يستحق به التأديب، وله أن يعفو فلا يفعل ذلك. (معالم السنن).
وقال الإمام ابن تيمية في (الصارم المسلول): من سبرسول الله صلى الله عليه وسلم من مسلم أو كافر فإنه يجب قتله، هذا مذهب عليه عامة أهل العلم. قال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن حد من سبرسول الله صلى الله عليه وسلمالقتل. وممن قاله: مالك، والليث، وأحمد، وإسحاق، وهو مذهب الشافعي. قال:
وحكى عن النعمان: لا يقتل، يعني الذي هم عليه من الشرك أعظم، وقد حكى أبو بكر الفارسي من أصحاب الشافعي إجماع المسلمين على أن حد من سبرسول الله صلى الله عليه وسلمالقتل، كما أن حد من سب غيره الجلد.
وإن الإجماع الذي حكاه هذا محمول على إجماع الصدر الأول من الصحابة والتابعين أو أنه أراد به إجماعهم على أن ساب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب قتله إذا كان مسلما، وكذلك قيد القاضي عياض، فقال: أجمعت الأمة على قتل متنقصه من المسلمين وسابه، وكذلك حكى عن غير واحد الإجماع على قتله وتكفيره.
وقال الإمام إسحاق بن راهويه - أحد الأئمة الأعلام - أجمع المسلمون على أن من سب الله، أو سبرسوله صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئا مما أنزل الله عز وجل، أو قتل نبيا من أنبياء الله عز وجل: أنه كافر بذلك، وإن كان مقرا بكل ما أنزل الله.
قال الخطابي: لا أعلم أحدا من المسلمين اختلف في وجوبقتله. وقال محمد بن سحنون: أجمع العلماء على أن شاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمتنقص له كافر، والوعيد جاء عليه بعذاب الله له، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر.
وتحرير القول فيه: أن الساب إن كان مسلما فإنه يكفر ويقتل بغير خلاف، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، وقد تقدم من حكم الإجماع على ذلك إسحاق بن راهويه وغيره، وإن كان ذميا فإنه يقتل أيضا في مذهب مالك وأهل المدينة، وسيأتي حكاية ألفاظهم، وهو مذهب أحمد وفقهاء الحديث. وقد نص أحمد على ذلك في مواضع متعددة قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: كل من شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تنقصه مسلما كان أو كافرا فعليه القتل، وأرى أن يقتل ولا يستتاب. قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: كل من نقض العهد وأحدث في الإسلام حدثا مثل هذا رأيت عليه القتل، وليس على هذا أعطوا العهد والذمة.
وكذلك قال أبو الصفراء: سألت أبا عبد الله عن رجل من أهل الذمة شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ماذا عليه؟ قال: إذا قامت البينة عليه يقتل من شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسلما كان أو كافرا، رواهما الخلال.
وفي رواية عبد الله وأبي طالب وقد سئل عن شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يقتل، قيل له:
فيه أحاديث؟ قال: نعم، أحاديث منها: حديث الأعمى الذي قتل المرأة، قال: سمعتها تشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث حصين أن ابن عمر قال: من شتم رسول الله صلى الله عليه وسلمقتل.
وكان عمر بن العزيز يقول: يقتل، وذلك أنه من شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مرتد عن الإسلام، ولا يشتم مسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم. زاد عبد الله: سألت أبي عمن شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستتاب؟ قال: قد وجب عليه القتل، ولا يستتاب، لأن خالد بن الوليدقتل رجلا شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستتبه، رواهما أبو بكر في (الشافي).
وفي رواية أبي طالب: سئل أحمد عمن شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يقتل، قد نقض العهد وقال جرير: سألت أحمد عن رجل من أهل الذمة شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يقتل إذا شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواهما الخلال، وقد نص على هذا في غير هذه الجوابات، فأقواله كلها نص في وجوبقتله، وفي أنه قد نقض العهد وليس عنه في هذا اختلاف. (الصارم المسلول على شاتم الرسول): 3 - 5.