وبين القوم، فإذا نمل منثور قد ملأ الوادي، فلم يكن إلا هزيمة القوم، فما كنا نشك أنها الملائكة (1).
وقال الواقدي (2): حدثني عبد الله بن علي عن سعيد بن محمد بن جبير ابن مطعم عن أبيه عن جده قال: لما تراءينا نحن والقوم، رأينا سوادا لم نر مثله قط كثرة، وإنما ذلك السواد نعم، فحملوا النساء عليه، قال: فأقبل مثله الظلة السوداء من السماء حتى أظلت علينا وعليهم وسترت الأفق، فنظرت فإذا وادي حنين يسيل بالنمل - نمل أسود مبثوث - لم أشك أنه نصر أيدنا الله به فهزمهم الله عز وجل.
وحدثني ابن أبي سبرة، حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن يحيى ابن عبد الله بن عبد الرحمن، عن شيوخ من قومه من الأنصار قال: رأينا يومئذ كالبجد (3) الأسود هوت من السماء ركاما (4)، فنظرنا فإذا نمل مبثوث، فإن كنا لننفضه عن ثيابنا، فكان نصر أيدنا الله به (5).
وكان سيما الملائكة يوم حنين عمائم حمر قد أرخوها بين أكتافهم، وكان الرعب الذي قذف الله في قلوب المشركين يوم حنين، فكان يزيد بن عامر السوائي يحدث وكان حضر يومئذ فسئل عن الرعب فكان يأخذ الحصاة يرمي بها في الطست فيطن، فقال: كنا نجد في أجوافنا مثل (6) هذا.
وكان مالك بن أوس بن الحدثان يقول: حدثني عدة من قومي شهدوا ذلك اليوم يقولون: لقد رمى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بتلك الكف من الحصا، فما منا أحد إلا يشكو القذى في عينه، وقد كنا نجد في صدورنا خفقانا كوقع الحصا في