الذي خلق) إلى قوله: (ما لم يعلم)، قال: فقرأتها، ثم انتهى فانصرف عني وهببت من نومي فكأنما كتبت في قلبي كتابا، [قال: ولم يكن من خلق الله تعالى أحد أبغض إلي من شاعر أو مجنون، كنت لا أطيق أن أنظر إليهما، قال: قلت:
إن الأبعد يعني لشاعر أو مجنون لا يتحدث بهذا قريش عني أبدا إلا عمدت إلى خالق من الجبل، ولأطرحت نفسي منه فلأقتلنها ولأستريحن] (1)، قال: فخرجت [أريد ذلك] (1) حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من [السماء] (2) يقول: يا محمد! أنت رسول الله وأنا جبريل، قال: فرفعت رأسي إلى السماء أنظر، فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول: يا محمد! أنت رسول الله وأنا جبريل، قال: فوقفت أنظر إليه [فشغلني ذلك عما أردت] (3) ما أتقدم ولا أتأخر، وجلت أصرف وجهي (4) في آفاق السماء ولا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي ولا أرجع ورائي حتى بعثت خديجة [في] (5) رسلها في طلبي، فبلغوا (6) مكة ورجعوا إليها وأنا واقف في مكان ذلك ثم أنصرف عني، [فانصرفت] (7) راجعا إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها مضيفا [إليها] (8) فقالت: يا أبا القاسم! أين كنت: فوالله لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا [إلي] (9)، قال: [قلت لها:
إن الأبعد لشاعر مجنون، قال: فقالت: أعيذك بالله يا أبا القاسم، ما كان الله تعالى ليصنع ذلك بك مع صدق حديثك وحسن خلقك وعظم أمانتك وصلتك رحمك، وما ذاك يا ابن عم؟ لقد رأيت شيئا؟ قال: قلت (10) نعم]، ثم