قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثماني سنين كالمودع للاحياء والأموات، ثم طلع المنبر فقال: إني بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وإن موعدكم الحوض واني لأنظر إليه من مقامي هذا، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها. قال: فكان آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورواه البخاري في مواضع أخر ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث يزيد بن أبي حبيب به نحوه. وقال الأموي حدثني أبي، حدثنا الحسن بن عمارة، عن حبيب بن أبي ثابت قال: قالت عائشة: خرجنا من السحر مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد نستطلع الخبر حتى إذا طلع الفجر إذا رجل محتجر يشتد ويقول:
لبث قليلا يشهد الهيجا حمل (1) قال: فنظرنا فإذا أسيد بن حضير، ثم مكثنا بعد ذلك، فإذا بعير قد أقبل، عليه امرأة بين وسقين قالت فدنونا منها فإذا هي امرأة عمرو بن الجموح. فقلنا لها ما الخبر قالت: دفع الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واتخذ من المؤمنين شهداء ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا. ثم قالت لبعيرها: حل. ثم نزلت، فقلنا لها: ما هذا؟
قالت: أخي وزوجي. وقال ابن إسحاق: وقد أقبلت صفية بنت عبد المطلب لتنظر إليه (2) وكان أخاها لأبيها وأمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنها الزبير بن العوام: القها فأرجعها لا ترى ما بأخيها، فقال لها: يا أمه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي. قالت ولم؟ وقد بلغني أنه مثل بأخي، وذلك في الله، فما أرضانا ما كان من ذلك لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله. فلما جاء الزبير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك، قال: خل سبيلها، فأتته فنظرت إليه وصلت عليه واسترجعت واستغفرت. قال ابن إسحاق: ثم أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفن ودفن معه ابن أخته عبد الله بن جحش وأمه أميمة بنت عبد المطلب وكان قد مثل به غير أنه لم ينقر عن كبده رضي الله عنهما. قال السهيلي: وكان يقال له المجدع في الله قال وذكر سعد أنه هو وعبد الله بن جحش دعيا بدعوة فاستجيبت لهما فدعا سعد أن يلقى فارسا من المشركين فيقتله ويستلبه فكان ذلك ودعا عبد الله بن جحش أن يلقاه فارس فيقتله ويجدع أنفه في الله فكان ذلك وذكر الزبير بن بكار: أن سيفه يومئذ انقطع فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرجونا فصار في يد عبد الله بن جحش سيفا يقاتل به ثم بيع في تركة بعض ولده بمائتي دينار وهذا كما تقدم لعكاشة في يوم بدر. وقد تقدم في صحيح البخاري أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين والثلاثة في القبر الواحد في الكفن الواحد