وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل (1). تفرد بروايته البخاري وقد قال البخاري: حدثنا محمد بن سلام، حدثنا أبو معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم) قالت لعروة: يا ابن أختي كان أبواك منهم الزبير وأبو بكر رضي الله عنهما لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب يوم أحد وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا فقال من يذهب في إثرهم فانتدب منهم سبعون رجلا فيهم أبو بكر والزبير (2). هكذا رواه البخاري وقد رواه مسلم مختصرا من وجه عن هشام وهكذا رواه سعيد بن منصور وأبو بكر الحميدي جميعا عن سفيان بن عيينة. وأخرجه ابن ماجة من طريقه عن هشام بن عروة به. ورواه الحاكم في مستدركه من طريق أبي سعيد عن هشام بن عروة به ورواه من حديث السدي عن عروة وقال في كل منهما صحيح ولم يخرجاه. كذا قال. وهذا السياق غريب جدا فإن المشهور عند أصحاب المغازي أن الذين خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حمراء الأسد كل من شهد أحدا وكانوا سبعمائة كما تقدم قتل منهم سبعون وبقي الباقون. وقد روى ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال: إن الله قذف في قلب أبي سفيان الرعب يوم أحد بعد الذي كان منه فرجع إلى مكة وكانت وقعة أحد في شوال وكانا التجار يقدمون في ذي القعدة المدينة فينزلون ببدر الصغرى في كل سنة مرة وانهم قدموا بعد وقعة أحد وكان أصاب المسلمين القرح واشتكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد عليهم الذي أصابهم، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب الناس لينطلقوا بهم، ويتبعوا ما كانوا متعبين، وقال لنا ترتحلون الآن فتأتون الحج ولا يقدرون على مثلها حتى عام قابل. فجاء الشيطان يخوف أولياءه، فقال: إن الناس قد جمعوا لكم، فأبى عليه الناس أن يتبعوه فقال إني ذاهب وإن لم يتبعني أحد فانتدب معه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة وابن مسعود وحذيفة في سبعين رجلا فساروا في طلب أبي سفيان حتى بلغوا الصفراء فأنزل الله (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم) وهذا غريب أيضا. وقال ابن هشام: حدثنا أبو عبيدة:
أن أبا سفيان بن حرب لما انصرف يوم أحد أراد الرجوع إلى المدينة، فقال لهم صفوان بن أمية:
لا تفعلوا فإن القوم قد حربوا (3) وقد خشينا أن يكون لهم قتال غير الذي كان، فارجعوا فرجعوا.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد حين بلغه أنهم هموا بالرجعة " والذي نفسي بيده لقد سومت لهم حجارة، لو صبحوا بها لكانوا كأمس الذاهب " قال: وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه ذلك، قبل رجوعه المدينة معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، جد عبد الملك بن مروان