إذ رام شيب وأبوك غدري * فخضبا منه ضواحي النحر ونذرك السوء فشر نذر قال ابن إسحاق: وكان الحليس بن زيان أخو بني الحارث بن عبد مناة - وهو يومئذ سيد الأحابيش - مر بأبي سفيان وهو يضرب في شدق حمزة بن عبد المطلب بزج الرمح ويقول: ذق عقق. فقال الحليس: يا بني كنانة هذا سيد قريش يصنع بابن عمه ما ترون لحما (1). فقال:
ويحك أكتمها عني فإنها كانت زلة. قال ابن إسحاق: ثم إن أبا سفيان، حين أراد الانصراف، أشرف على الجبل ثم صرخ بأعلى صوته: أنعمت [فعال] (2)، إن الحرب سجال، يوم بيوم بدر، أعل هبل (أي ظهر دينك). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر " قم يا عمر فأجبه فقل: الله أعلى وأجل، لا سواء (3)، " قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار " فقال له أبو سفيان: هلم إلي يا عمر.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: ائته فانظر ما شأنه. فجاءه فقال له أبو سفيان: أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمدا؟ فقال عمر: اللهم لا وإنه ليسمع كلامك الآن. قال: أنت عندي أصدق من ابن قمئة وأبر. قال ابن إسحاق: ثم نادى أبو سفيان: إنه كان في قتلاكم مثل، والله ما رضيت وما سخطت، وما نهيت ولا أمرت. قال: ولما أنصرف أبو سفيان نادى: إن موعدكم بدر العام المقبل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من أصحابه: قل: نعم هو بيننا وبينك موعد. قال ابن إسحاق: ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال: أخرج في آثار القوم وانظر ماذا يصنعون وما يريدون، فإن كانوا قد جنبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة، وان ركبوا الخيل وساقوا الإبل فهم يريدون المدينة. والذي نفسي بيده إن أرادوها لأسيرن إليهم فيها ثم لأناجزنهم. قال علي: فخرجت في أثرهم أنظر ماذا يصنعون، فجنبوا الخيل وامتطوا الإبل ووجهوا إلى مكة.
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد قال الإمام أحمد: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، حدثنا عبد الواحد بن أيمن المكي، عن ابن رفاعة الزرقي، عن أبيه قال: لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " استووا حتى أثني على ربي عز وجل " فصاروا خلفه صفوفا فقال " اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت ولا باسط لما قبضت ولا هادي لمن أضللت ولا مضل لمن هديت ولا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا ومبعد لما قربت. اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك. اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول.