كان فينا رجل أتي (1) لا يدرى من هو يقال له: قزمان فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ذكر " إنه لمن أهل النار " قال: فلما كان يوم أحد قاتل قتالا شديدا، فقتل هو وحده ثمانية أو سبعة من المشركين، وكان ذا بأس فأثبتته الجراحة فاحتمل إلى دار بني ظفر، قال: فجعل رجال من المسلمين يقولون له: والله لقد أبليت اليوم يا قزمان، فأبشر. قال بماذا أبشر فوالله إن قاتلت إلا عن أحساب قومي ولولا ذلك ما قاتلت. قال: فلما اشتدت عليه جراحته أخذ سهما من كنانته فقتل له نفسه. وقد ورد مثل قصة هذا في غزوة خيبر كما سيأتي إن شاء الله. قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر، عن الزهري، عن المسيب عن أبي هريرة قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فقال لرجل ممن يدعي الاسلام " هذا من أهل النار " فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالا شديدا فأصابته جراحة فقيل يا رسول الله الرجل الذي قلت إنه من أهل النار قاتل اليوم قتالا شديدا وقد مات فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إلى النار " فكاد بعض القوم يرتاب فبينما هم على ذلك إذ قيل فإنه لم يمت ولكن به جراح شديدة فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: " الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله " ثم أمر بلالا فنادى في الناس " إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ". وأخرجاه في الصحيحين من حديث عبد الرزاق به قال ابن إسحاق: وكان ممن قتل يوم أحد مخيريق وكان أحد بني ثعلبة بن الغيطون فلما كان يوم أحد قال: يا معشر يهود والله لقد علمتم أن نصر محمد عليكم لحق. قالوا: إن اليوم يوم السبت. قال: لا سبت لكم. فأخذ سيفه وعدته وقال: إن أصبت فمالي لمحمد يصنع فيه ما شاء. ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتل معه حتى قتل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا " مخيريق خير يهود " قال السهيلي فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أموال مخيريق - وكانت سبع حوائط - أوقافا بالمدينة لله قال محمد بن كعب القرظي وكانت أول وقف بالمدينة. وقال ابن إسحاق: وحدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن معاذ عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة أنه كان يقول: حدثوني عن رجل دخل الجنة لم يصل قط فإذا لم يعرفه الناس سألوه: من هو؟ فيقول أصيرم بني عبد الأشهل، عمرو بن ثابت بن وقش. قال الحصين: فقلت لمحمود بن أسد: كيف كان شأن الأصيرم؟ قال: كان يأبى الاسلام على قومه. فلما كان يوم أحد بدا له فأسلم ثم أخد سيفه، فغدا حتى دخل في عرض الناس، فقاتل حتى أثبتته الجراحة قال: فبينما رجال من بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به، فقالوا: والله إن هذا للأصيرم ما جاء به لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الحديث، فسألوه فقالوا [ما جاء بك يا عمرو] (2) أحدب على
(٤١)