فشأنك أنعم وخلاك ذم * ولا أرجع إلى أهلي ورائي (1) وجاء المسلمون وغادروني * بأرض الشام مشتهي الشواء وردك كل ذي نسب قريب * إلى الرحمن منقطع الاخاء هنالك لا أبالي طلع بعل * ولا نخل أسافلها رواء قال: فلما سمعتهن منه بكيت، فخفقني بالدرة وقال: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع بين شعبتي الرحل؟ ثم قال عبد الله بن رواحة في بعض سفره ذلك وهو يرتجز.
يا زيد زيد اليعملات الذبل * تطاول الليل هديت فأنزل (2) قال ابن إسحاق: ثم مضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف، ثم دنا العدو وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة، فالتقى الناس، عندها فتعبي لهم المسلمون، فجعلوا على ميمنتهم رجلا من بني عذرة يقال له قطبة بن قتادة، وعلى ميسرتهم رجلا من الأنصار يقال له عباية بن مالك. وقال الواقدي:
حدثني ربيعة بن عثمان، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: شهدت مؤتة فلما دنا منا المشركون رأينا ما لا قبل لاحد به من العدة والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب، فبرق بصري، فقال لي ثابت بن أرقم (3): يا أبا هريرة كأنك ترى جموعا كثيرة؟ قلت نعم! قال إنك لم تشهد بدرا معنا، إنا لم ننصر بالكثرة رواه البيهقي (4). قال ابن إسحاق ثم التقى الناس فاقتتلوا، فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط (5) في رماح القوم، ثم أخذها جعفر فقاتل القوم حتى قتل، فكان جعفر أول المسلمين عقر في الاسلام. وقال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عباد ابن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد، حدثني أبي الذي أرضعني وكان أحد بني مرة بن عوف، وكان في تلك الغزوة غزوة مؤتة قال: والله لكأني أنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء ثم عقرها (6) ثم قاتل القوم حتى قتل وهو يقول:
يا حبذا الجنة واقترابها * طيبة وباردا شرابها والروم روم قد دنا عذابها * كافرة بعيدة أنسابها * علي إن لاقيتها ضرابها