حمزة لا بواكي له " فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن الحضير إلى دار بني عبد الأشهل أمرا نساءهن أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فحدثني حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن بعض رجال بني عبد الأشهل قال: لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بكاءهن على حمزة خرج عليهن وهن في باب المسجد يبكين فقال: " ارجعن يرحمكن الله فقد آسيتن بأنفسكن " (1) قال:
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ عن النوح فيما قال ابن هشام، وهذا الذي ذكره منقطع ومنه مرسل وقد أسنده الإمام أحمد فقال: حدثنا زيد بن الحباب حدثني أسامة بن زيد، حدثني نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من أحد فجعل نساء الأنصار يبكين على من قتل من أزواجهن قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ولكن حمزة لا بواكي له " قال: ثم نام فاستنبه وهن يبكين قال:
" فهن اليوم إذا يبكين يندبن حمزة " وهذا على شرط مسلم. وقد رواه ابن ماجة: عن هارون بن سعيد، عن ابن وهب، عن أسامة بن زيد الليثي، عن نافع عن ابن عمر: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بنساء بني عبد الأشهل يبكين هلكاهن يوم أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لكن حمزة لا بواكي له " فجاء نساء الأنصار يبكين حمزة فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ويحهن ما انقلبن بعد مرورهن فلينقلبن ولا يبكين على هالك بعد اليوم " وقال موسى بن عقبة: ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم أزقة المدينة إذا النوح والبكاء في الدور قال: " ما هذا " قالوا: هذه نساء الأنصار يبكين قتلاهم فقال:
" لكن حمزة لا بواكي له " واستغفر له فسمع ذلك سعد بن معاذ وسعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وعبد الله بن رواحة فمشوا إلى دورهم فجمعوا كل نائحة باكية كانت بالمدينة فقالوا: والله لا تبكين قتلى الأنصار حتى تبكين عم النبي صلى الله عليه وسلم فإنه قد ذكر أنه لا بواكي له بالمدينة وزعموا أن الذي جاء بالنوائح عبد الله بن رواحة فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما هذا " فأخبر بما فعلت الأنصار بنسائهم فاستغفر لهم وقال لهم خيرا وقال: " ما هذا أردت، وما أحب البكاء " ونهى عنه (2).
وهكذا ذكر ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير سواء. قال موسى بن عقبة: وأخذ المنافقون عند بكاء المسلمين في المكر والتفريق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحزين المسلمين وظهر غش اليهود وفارت المدينة بالنفاق فور المرجل وقالت اليهود: لو كان نبيا ما ظهروا عليه ولا أصيب منه ما أصيب ولكنه طالب ملك تكون له الدولة وعليه، وقال المنافقون مثل قولهم وقالوا للمسلمين:
لو كنتم أطعتمونا ما أصابكم الذين أصابوا منكم فأنزل الله القرآن في طاعة من أطاع ونفاق من نافق وتعزية المسلمين يعني فيمن قتل منهم فقال: " وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم " الآيات كلها كما تكلمنا على ذلك في التفسير ولله الحمد والمنة.