صلى الله عليه وسلم أربع عمر، عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، والثالثة من الجعرانة، والرابعة التي مع حجته. ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث داود بن عبد الرحمن العطار المكي عن عمرو بن دينار به. وحسنه والترمذي. وقال الإمام أحمد: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثنا حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - عن عبد الله بن عمرو بن العاص - قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر، كل ذلك في ذي القعدة يلبي حتى يستلم الجحر. (الحجر) غريب من هذا الوجه وهذه الثلاث عمر اللاتي وقعن في ذي القعدة ما عدا عمرته مع حجته فإنها وقعت في ذي الحجة مع الحجة وإن أراد ابتداء الاحرام بهن في ذي القعدة فلعله لم يرد عمرة الحديبية لأنه صد عنها ولم يفعلها. والله أعلم.
قلت: وقد كان نافع ومولاه ابن عمر ينكران أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة بالكلية وذلك فيما قال البخاري: ثنا أبو النعمان، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع عن ابن عمر: أن عمر بن الخطاب قال: يا رسول الله إنه كان علي اعتكاف يوم في الجاهلية فأمره أن يفي به، قال وأصاب عمر جاريتين من سبي حنين فوضعهما في بعض بيوت مكة، قال فمن رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبي حنين فجعلوا يسعون في السكك، فقال عمر: يا عبد الله انظر ما هذا؟ قال من رسول الله صلى الله عليه وسلم على السبي، قال اذهب فأرسل الجاريتين. قال نافع: ولم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ولو اعتمر لم يخف على عبد الله، وقد رواه مسلم من حديث أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر به. ورواه مسلم أيضا عن أحمد بن عبدة الضبي عن حماد ابن زيد، عن أيوب، عن نافع قال: ذكر عند ابن عمر عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة فقال: لم يعتمر منها. وهذا غريب جدا عن ابن عمرو عن مولاه نافع في إنكارهما عمرة الجعرانة وقد أطبق النقلة ممن عداهما على رواية ذلك من أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد وذكر ذلك أصحاب المغازي والسنن كلهم. وهذا أيضا كما ثبت في الصحيحين من حديث عطاء بن أبي رباح عن عروة عن عائشة أنها أنكرت على ابن عمر قوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب وقالت:
يغفر الله لأبي عبد الرحمن ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو شاهد، وما اعتمر في رجب قط.
وقال الإمام أحمد: ثنا ابن نمير، ثنا الأعمش، عن مجاهد قال سأل عروة بن الزبير ابن عمر في أي شهر اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال في رجب فسمعتنا عائشة فسألها ابن الزبير وأخبرها بقول ابن عمر فقالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وقد شهدها وما اعتمر عمرة قط إلا في ذي القعدة، وأخرجه البخاري ومسلم من حديث جرير عن منصور عن مجاهد به نحوه.
ورواه أبو داود والنسائي أيضا من حديث زهير عن أبي إسحاق عن مجاهد سئل ابن عمركم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال مرتين، فقالت عائشة لقد علم ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاثا سوى التي قرنها بحجة الوداع. قال الإمام أحمد ثنا يحيى بن آدم، ثنا مفضل، عن منصور عن مجاهد قال: دخلت مع عروة بن الزبير المسجد فإذا ابن عمر مستند إلى حجرة عائشة وأناس