قتالهم فقال " هذا حين حمي الوطيس " ثم أخد حصيات فرمى بهن في وجوه الكفار، ثم قال " انهزموا ورب محمد " قال: فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى، قال: فوالله ما هو إلا أن رماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصياته فما زلت أرى حدهم كليلا، وأمرهم مدبرا (1). ورواه مسلم عن أبي الطاهر عن ابن وهب به نحوه. ورواه أيضا عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري نحوه. وروى مسلم من حديث عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، فلما واجهنا العدو تقدمت فأعلو ثنية، فاستقبلني رجل من المشركين فأرميه بسهم، وتوارى عني، فما دريت ما صنع، ثم نظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى فالتقوا هم وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فولى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرجع منهزما وعلي بردتان متزرا بإحداهما مرتديا بالأخرى، قال فاستطلق إزاري فجمعتها جمعا ومررت على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا منهزم وهو على بغلته الشهباء، فقال " لقد رأى ابن الأكوع فزعا " فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب من الأرض واستقبل به وجوههم وقال " شاهت الوجوه " فما خلى الله منهم إنسانا إلا ملا عينيه ترابا من تلك القبضة فولوا مدبرين: فهزمهم الله وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين (2).
وقال أبو داود الطيالسي في مسنده: ثنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن عبد الله بن يسار، عن أبي عبد الرحمن الفهري قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنين فسرنا في يوم قايظ شديد الحر فنزلنا تحت ظلال السمر، فلما زالت الشمس لبست لامتي وركبت فرسي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في فسطاطه، فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، قد حان الرواح يا رسول الله؟ قال " أجل " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا بلال " فثار من تحت سمرة كأن ظله ظل طائر فقال: لبيك وسعديك وأنا فداؤك؟ فقال: " أسرج لي فرسي " فأتاه بدفتين من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر. قال: فركب فرسه فسرنا يومنا فلقينا العدو وتسامت الخيلان، فقاتلناهم فولى المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله " واقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرسه. وحدثني من كان أقرب إليه مني أنه أخذ حفنة من التراب فحثى بها وجوه العدو وقال " شاهت الوجوه " قال يعلى بن عطاء فحدثنا أبناؤهم عن آبائهم قالوا: ما بقي أحد إلا امتلأت عيناه وفمه من التراب، وسمعنا صلصلة من السماء كمر الحديد على الطست الحديد فهزمهم الله عز وجل (3). ورواه أبو داود السجستاني في سننه: عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة به نحوه. وقال الإمام أحمد: ثنا عفان، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا الحارث بن حصين، ثنا القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود