إسحاق: وحدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الخزاعي قال: لما قدم عمرو بن الزبير (1) مكة لقتال أخيه عبد الله بن الزبير جئته فقلت له يا هذا إنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح مكة، فلما كان الغد من يوم الفتح عدت خزاعة على رجل من هذيل فقتلوه وهو مشرك، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا فقال " يا أيها الناس إن الله قد حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام من حرام الله إلى يوم القيامة، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما ولا يعضد فيها شجرا، لم تحل لاحد كان قبلي، ولا تحل لاحد يكون بعدي، ولم تحل لي إلا هذه الساعة غضبا على أهلها، ألا ثم قد رجعت كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد منكم الغائب، فمن قال لكم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قاتل فيها فقولوا: إن الله قد أحلها لرسوله ولم يحلها لكم يا معشر خزاعة، ارفعوا أيديكم عن القتل، فلقد كثر إن نفع، لقد قتلتم قتيلا لأدينه، فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين: إن شاؤوا فدم قاتله وإن شاؤوا فعقله " ثم ودي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الذي قتلته خزاعة، فقال عمرو لأبي شريح: انصرف أيها الشيخ، فنحن أعلم بحرمتها منك، إنها لا تمنع سافك دم، ولا خالع طاعة، ولا مانع جزية، فقال أبو شريح: إني كنت شاهدا وكنت غائبا، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ شاهدنا غائبنا، وقد أبلغتك، فأنت وشأنك. قال ابن هشام: وبلغني أن أول قتيل وداه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم الفتح جنيدب بن الأكوع قتله بنو كعب فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمائة ناقة (2). وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى، عن حسين، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده قال: لما فتحت مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " كفوا السلاح إلا خزاعة من بني بكر " فأذن لهم حتى صلى العصر ثم قال " كفوا السلاح " فلقي رجل من خزاعة رجلا من بني بكر من غد بالمزدلفة فقتله، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام خطيبا فقال - فرأيته وهو مسند ظهره إلى الكعبة قال - " إن أعدى الناس على الله من قتل في الحرم، أو قتل غير قاتله أو قتل بذحول الجاهلية " وذكر تمام الحديث وهذا غريب جدا. وقد روى أهل السنن بعض هذا الحديث فأما ما فيه من أنه رخص لخزاعة أن تأخذ بثأرها من بني بكر إلى العصر من يوم الفتح فلم أره إلا في هذا الحديث وكأنه إن صح من
(٣٥٠)