يحدث عن عروة بن الزبير عن أبيه وعن جده قالا - وكانا شهدا حنينا - قالا: فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر، فقام إلى ظل شجرة فقعد فيه فقام إليه عيينة بن بدر، فطلب بدم عامر بن الأضبط الأشجعي وهو سيد عامر (1) هل لكم أن تأخذوا منا الآن خمسين بعيرا وخمسين إذا رجعنا إلى المدينة؟ " فقال عيينة بن بدر: والله لا أدعه حتى أذيق نساءه من الحزن (2) مثل ما أذاق نسائي، فقال رجل من بني ليث يقال له: ابن مكيتل وهو قصير من الرجال فقال: يا رسول الله ما أجد لهذا القتيل شبها في غرة الاسلام إلا كغنم وردت فشربت (3) أولاها، فنفرت أخراها استن (4) اليوم وغير غدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هل لكم أن تأخذوا خمسين بعيرا الآن وخمسين إذا رجعنا إلى المدينة؟ " فلم يزل بهم حتى رضوا بالدية، فقال قوم محلم بن جثامة إيتوا به حتى يستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فجاء رجل طوال ضرب اللحم في حلة قد تهيأ فيها للقتل، فقام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم لا تغفر لملحم " قالها ثلاثا، فقام وإنه ليتلقى دموعه بطرف ثوبه.
قال محمد بن إسحاق: زعم قومه أنه استغفر له بعد ذلك. وهكذا رواه أبو داود من طريق حماد بن سلمة عن ابن إسحاق، ورواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي خالد الأحمر، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر، عن زيد بن ضميرة عن أبيه وعمه فذكر بعضه، والصواب كما رواه ابن إسحاق عن محمد بن جعفر عن زياد بن سعد بن ضميرة (5) عن أبيه وعن جده. وهكذا رواه أبو داود من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، وعن عبد الرحمن ابن الحارث، عن محمد بن جعفر عن زياد بن سعد بن ضميرة عن أبيه وجده بنحوه كما تقدم.
وقال ابن إسحاق: حدثني سالم أبو النضر أنه قال (6): لم يقبلوا الدية حتى قام الأقرع بن حابس فخلا بهم، وقال: يا معشر قيس سألكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قتيلا تتركونه ليصلح به بين الناس فمنعتموه إياه، أفأمنتم أن يغضب عليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب الله لغضبه ويلعنكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيلعنكم الله بلعنته لكم، لتسلمنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لآتين بخمسين من بني تميم كلهم يشهدون أن القتيل كافر ما صلى قط فلا يطلبن دمه، فلما قال ذلك لهم أخذوا الدية. وهذا منقطع معضل. وقد روى ابن إسحاق عمن لا يتهم عن الحسن البصري: أن محلما