بالغابة وفيها رجل (1) من بني غفار ومعه امرأته فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة في اللقاح، قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ومن لا اتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك - كل قد حدث في غزوة ذي قرد بعض الحديث - أنه كان أول من نذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي، غدا يريد الغابة متوحشا قوسه ونبله، ومعه غلام لطلحة بن عبيد الله، معه فرس له يقوده، حتى إذا علا ثنية الوداع نظر إلى بعض خيولهم، فأشرف في ناحية سلع ثم صرخ: وا صباحاه! ثم خرج يشتد في آثار القوم وكان مثل السبع، حتى لحق بالقوم، فجعل يردهم بالنبل ويقول:
خذها وأنا ابن الأكوع * اليوم يوم الرضع (2) فإذا وجهت الخيل نحوه انطلق هاربا ثم عارضهم فإذا أمكنه الرمي رمى، ثم قال:
خذها وانا ابن الأكوع * اليوم يوم الرضع قال فيقول قائلهم: أو يكعنا هو أول النهار. قال: وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم صياح ابن الأكوع، فصرخ بالمدينة: الفزع الفزع. فترامت الخيول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أول من انتهى إليه من الفرسان: المقداد بن الأسود ثم عباد بن بشر، وسعد بن زيد، وأسيد بن ظهير - يشك فيه - وعكاشة بن محصن، ومحرز بن نضلة أخو بني أسد بن خزيمة وأبو قتادة الحارث بن ربعي أخو بني سلمة، وأبو عياش عبيد بن زيد بن صامت، أخو بني زريق قال: فلما اجتمعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عليهم سعد بن زيد ثم قال: أخرج في طلب القوم، حتى ألحقك في الناس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عياش فيما بلغني عن رجال من بني زريق: يا أبا عياش لو أعطيت هذا الفرس رجلا هو أفرس منك فلحق بالقوم قال أبو عياش: فقلت يا رسول الله أنا أفرس الناس، ثم ضربت الفرس فوالله ما جرى بي خمسين ذراعا حتى طرحني فعجبت من ذلك، فزعم رجال من زريق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى فرس أبي عياش معاذ بن ماعص أو عائذ بن ماعص بن قيس بن خلدة، وكان ثامنا قال وبعض الناس يعد سلمة بن الأكوع ثامنا ويطرح أسيد بن ظهير.