إني لأرجو أن أقيم * عليك نائحة الجنائز من ضربة نجلاء * يبقى ذكرها عند الهزاهز فقال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا علي، قال: ابن عبد مناف؟ قال: أنا علي بن أبي طالب. فقال: يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك فإني أكره أن أهريق دمك؟ فقال له علي: لكني والله لا أكره أن أهريق دمك، فغضب فنزل وسل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي مغضبا واستقبله علي بدرقته فضربه عمرو في درقته فقدها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه، وضربه علي على حبل عاتقه فسقط وثار العجاج وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم التكبير، فعرفنا أن عليا قد قتله. فثم يقول علي:
أعلي تقتحم الفوارس هكذا * عني وعنهم أخروا أصحابي اليوم يمنعني الفرار حفيظتي * ومصمم في الرأس ليس بنابي إلى أن قال:
عبد الحجارة من سفاهة رأيه * وعبد ت رب محمد بصواب إلى آخرها. قال ثم أقبل علي نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه يتهلل، فقال له عمر بن الخطاب: هلا استلبته درعه، فإنه ليس للعرب درع خير منها؟ فقال: ضربته فاتقاني بسوءته، فاستحييت ابن عمي أن أسلبه، قال وخرجت خيوله منهزمة حتى اقتحمت من الخندق.
وذكر ابن إسحاق فيما حكاه عنه (1) البيهقي أن عليا طعنه في ترقوته، حتى أخرجها من مراقه، فمات في الخندق، وبعث المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشترون جيفته بعشرة آلاف، فقال هو لكم لا نأكل ثمن الموتى (2). وقال الإمام أحمد: حدثنا نصر بن باب، حدثنا حجاج، عن الحكم، عن مقسم عن ابن عباس أنه قال: قتل المسلمون يوم الخندق رجلا من المشركين فأعطوا بجيفته مالا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادفعوا إليهم جيفته فإنه خبيث الجيفة خبيث الدية، فلم يقبل منهم شيئا. وقد رواه البيهقي من حديث حماد بن سلمة عن حجاج، وهو ابن أرطاة، عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس: أن رجلا من المشركين قتل يوم الأحزاب فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابعث إلينا بجسده ونعطيهم اثني عشر ألفا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا خير في جسده ولا في ثمنه " (3). وقد رواه الترمذي: من حديث سفيان الثوري عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم عن ابن عباس وقال غريب. وقد ذكر موسى بن عقبة: أن المشركين إنما بعثوا يطلبون جسد نوفل بن عبد الله المخزومي حين قتل وعرضوا عليه الدية فقال: " إنه خبيث خبيث الدية فلعنه الله