اجعل هذا البلد آمنا) إلى آخرها. وقال ابن إسحاق: حدثني يزيد بن أبي حبيب عن [أبي] (1) مرثد بن عبد الله اليزني، عن عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي عن عبادة - وهو ابن الصامت - قال: كنت ممن حضر العقبة الأولى، وكنا اثني عشر رجلا. فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء، وذلك قبل أن يفترض الحرب، على أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف. فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم من ذلك شيئا فأمركم إلى الله، إن شاء عذب وإن شاء غفر. وقد روى البخاري ومسلم هذا الحديث من طريق الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب به نحوه (2).
قال ابن إسحاق: وذكر ابن شهاب الزهري عن عائذ الله أبي إدريس الخولاني أن عبادة بن الصامت حدثه. قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الأولى أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف، فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم من ذلك شيئا فأخذتم بحده في الدنيا فهو كفارة له، وإن سترتم عليه إلى يوم القيامة فأمركم إلى الله إن شاء عذب وإن شاء غفر. وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما من طرق عن الزهري به نحوه. وقوله على بيعة النساء - يعني وفق على ما نزلت عليه بيعة النساء بعد ذلك عام الحديبية - وكان هذا مما نزل علي وفق ما بايع عليه أصحابه ليلة العقبة. وليس هذا عجيب فإن القرآن نزل بموافقة عمر بن الخطاب في غير ما موطن كما بيناه في سيرته وفي التفسير، وإن كانت هذه البيعة وقعت عن وحي غير متلو فهو أظهر. والله أعلم.
قال ابن إسحاق: فلما انصرف عنه القوم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب (3) بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي. وأمره أن يقرئهم القرآن، ويعلمهم الاسلام ويفقههم في الدين. وقد روى البيهقي عن ابن إسحاق قال فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بعث مصعبا حين كتبوا إليه أن يبعثه إليهم، وهو الذي ذكره موسى بن عقبة كما تقدم، إلا أنه جعل المرة الثانية هي الأولى.
قال البيهقي: وسياق ابن إسحاق أتم. وقال ابن إسحاق: فكان عبد الله بن أبي بكر