اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة. وقال موسى بن عقبة: فقال (1) له غلام: أتيتنا في دارنا بهذا الرعيد. الغريب الطريد ليتسفه ضعفاءنا بالباطل ويدعوهم إليه.
قال ابن إسحاق: فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته، وإن كرهته كف عنك ما تكره؟ قال: أنصفت، قال: ثم ركز حربته وجلس إليهما فكلمه (2) مصعب بالاسلام وقرأ عليه القرآن، فقالا - فيما يذكر عنهما - والله لعرفنا في وجهه الاسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله، ثم قال: ما أحسن هذا وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ قالا له تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي، فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد شهادة الحق ثم قام فركع ركعتين، ثم قال لهما: إن ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن، سعد بن معاذ. ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم، فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلا. قال: أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف على النادي قال له سعد: ما فعلت؟ قال كلمت الرجلين، فوالله ما رأيت بهما بأسا. وقد نهيتهما فقالا: نفعل ما أحببت، وقد حدثت أن بني حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنهم عرفوا أنه ابن خالتك ليحقروك (3)، قال:
فقام سعد بن معاذ مغضبا مبادرا تخوفا للذي ذكر له من بني حارثة، وأخذ الحربة في يده ثم قال:
والله ما أراك أغنيت شيئا، ثم خرج إليهما سعد فلما رآهما مطمئنين، عرف أن أسيدا إنما أراد أن يسمع منهما، فوقف [عليهما] متشمتما؟ ثم قال لأسعد بن زرارة: والله يا أبا أمامة والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني، أتغشانا في دارنا بما نكره؟ قال: وقد قال أسعد لمصعب:
جاءك والله سيد من ورائه [من] قومه، إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان. قال: فقال له مصعب: أو تقعد فتسمع فإن رضيت أمرا رغبت فيه قبلته، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره؟ قال سعد: أنصفت، ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الاسلام وقرأ عليه القرآن. وذكر موسى بن عقبة أنه قرأ عليه أول الزخرف (4). قال فعرفنا والله في وجهه الاسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله ثم قال لهما: كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين؟ قالا تغتسل فتطهر