شريق بن عمرو بن وهب الثقفي - وكان حليفا لبني زهرة - وهم بالجحفة (1): يا بني زهرة قد نجى الله لكم أموالكم، وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل، وإنما نفرتم لتمنعوه وماله، فاجعلوا بي جبنها وارجعوا فإنه لا حاجة لكم بأن تخرجوا في غير ضيعة (2) لا ما يقول هذا. قال فرجعوا فلم يشهدها زهري واحد، أطاعوه وكان فيهم مطاعا ولم يكن بقي بطن من قريش إلا وقد نفر منهم ناس إلا بني عدي لم يخرج منهم رجل واحد، فرجعت بنو زهرة مع الأخنس فلم يشهد بدرا من هاتين القبيلتين أحد (3). قال: ومضى القوم وكان بين طالب بن أبي طالب (4) - وكان في القوم - وبين بعض قريش محاورة. فقالوا: والله لقد عرفنا يا بني هاشم - وإن خرجتم معنا - أن هواكم مع محمد، فرجع طالب إلى مكة مع من رجع. وقال في ذلك:
لا هم إما يغزون طالب * في عصبة محالف محارب (5) في مقنب من هذه المقانب * فليكن المسلوب غير السالب (6) وليكن المغلوب غير الغالب قال ابن إسحاق: ومضت قريش حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي، خلف العقنقل وبطن الوادي وهو يليل، بين بدر وبين العقنقل، الكثيب الذي خلفه قريش، والقليب ببدر في العدوة الدنيا من بطن يليل إلى المدينة.
قلت: وفي هذا قال تعالى: (إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم) أي من ناحية الساحل (ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا) الآيات [الأنفال: 42]. وبعث الله السماء وكان الوادي دهسا (7) فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم