محمدا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك، فاستأجر ضمضم بن (1) عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة، وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم إلى أموالهم، ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها في أصحابه، فخرج ضمضم بن عمرو سريعا إلى مكة. قال ابن إسحاق: فحدثني من لا أتهم عن عكرمة، عن ابن عباس، ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير. قالا: وقد رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم إلى مكة بثلاث ليال رؤيا أفزعتها، فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له يا أخي والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني (2) وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة فاكتم علي ما أحدثك، قال لها وما رأيت؟ قالت رأيت راكبا أقبل على بعير له، حتى وقف بالأبطح، ثم صرخ بأعلا صوته ألا انفروا يا آل غدر (3) لمصارعكم في ثلاث، فأرى الناس اجتمعوا إليه ثم دخل المسجد والناس يتبعونه فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة ثم صرخ بمثلها. ألا انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث ثم مثل به بعيره على رأس أبي قبيس فصرخ بمثلها، ثم أخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوى حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار إلا دخلتها منها فلقة. قال العباس: والله إن هذه لرؤيا وأنت فاكتميها لا تذكريها لاحد، ثم خرج العباس فلقي الوليد بن عتبة - وكان له صديقا - فذكرها له واستكتمه إياها فذكرها الوليد لأبيه (4) عتبة ففشا الحديث حتى تحدثت به قريش [في أنديتها]، قال العباس: فغدوت لأطوف بالبيت وأبو جهل بن هشام في رهط (5) من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة، فلما رآني أبو جهل قال: يا أبا الفضل إذا فرغت من طوافك فاقبل إلينا، فلما فرغت أقبلت حتى جلست معهم فقال أبو جهل: يا بني عبد المطلب، متى حدثت فيكم هذه النبية؟ قال:
قلت: وما ذاك؟ قال تلك الرؤيا التي رأت عاتكة، قال: قلت: وما رأت؟ قال يا بني عبد المطلب أما رضيتم أن يتنأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم! قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال:
انفروا في ثلاث، فسنتربص بكم هذه الثلاث فإن يك حقا ما تقول فسيكون، وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شئ نكتب عليكم كتابا أنكم أكذب أهل بيت في العرب، قال العباس: فوالله ما كان مني إليه كبير شئ (6) إلا أني جحدت ذلك وأنكرت أن تكون رأت شيئا، قال: ثم تفرقنا فلما