صحيح إلى الشعبي وهو يقتضي أن إسرافيل قرن معه بعد الأربعين ثلاث سنين ثم جاءه جبريل (1) وأما الشيخ شهاب الدين أبو شامة فإنه قد قال: وحديث عائشة لا ينافي هذا فإنه يجوز أن يكون أول أمره الرؤيا. ثم وكل به إسرافيل في تلك المدة التي كان يخلو فيها بحراء فكان يلقي إليه الكلمة بسرعة ولا يقيم معه تدريجا له وتمرينا إلى أن جاءه جبريل. فعلمه بعدما غطه ثلاث مرات، فحكت عائشة ما جرى له مع جبريل ولم تحك ما جرى له مع إسرافيل اختصارا للحديث، أو لم تكن وقفت على قصة إسرافيل.
وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن هشام عن عكرمة عن ابن عباس أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وأربعين فمكث بمكة عشرا وبالمدينة عشرا. ومات وهو ابن ثلاث وستين، وهكذا روى يحيى بن سعيد وسعيد بن المسيب (2) ثم روى أحمد عن غندر ويزيد بن هارون كلاهما عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه القرآن، وهو ابن أربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة وبالمدينة عشر سنين. ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة. وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أنبأنا عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس، قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة سنة سبع سنين يرى الضوء ويسمع الصوت وثماني سنين يوحى إليه، وأقام بالمدينة عشر سنين.
قال أبو شامة: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى عجائب قبل بعثته فمن ذلك ما في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن " (3) انتهى كلامه.
وإنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الخلاء والانفراد عن قومه، لما يراهم عليه من الضلال المبين من عبادة الأوثان والسجود للأصنام، وقويت محبته للخلوة عند مقاربة إيحاء الله إليه صلوات الله