أبيه، عن عائشة قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهي أوبأ أرض الله، وواديها بطحان نجل [يجري عليه الأثل] (1). قال هشام: وكان وباؤها معروفا في الجاهلية، وكان إذا كان الوادي وبيئا فأشرف عليها الانسان قيل له أن ينهق نهيق الحمار، فإذا فعل ذلك لم يضره وباء ذلك الوادي. وقد قال الشاعر حين أشرف على المدينة:
لعمري لئن عبرت من خيفة الردى * نهيق الحمار إنني لجزوع (2) وروى البخاري (3) من حديث موسى بن عقبة: عن سالم [بن عبد الله] عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رأيت كأن امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى قامت بمهيعة - وهي الجحفة فأولتها أن وباء المدينة نقل إلى مهيعة - وهي الجحفة - " هذا لفظ البخاري ولم يخرجه مسلم ورواه الترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة من حديث موسى بن عقبة. وقد روى حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن عائشة قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهي وبيئة، فذكر الحديث بطوله إلى قوله وانقل حماها إلى الجحفة. قال هشام: فكان المولود يولد بالجحفة فلا يبلغ الحلم حتى تصرعه الحمى. ورواه البيهقي في دلائل النبوة (4). وقال يونس عن ابن إسحاق: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهي وبيئة. فأصاب أصحابه بها بلاء وسقم حتى أجهدهم ذلك، وصرف الله ذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم وقد ثبت في الصحيحين عن ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة - يعني مكة - عام عمرة القضاء. فقال المشركون: إنه يقدم عليكم وفد قد وهنهم حمى يثرب، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرملوا [الأشواط الثلاثة] (5) وأن يمشوا ما بين الركنين، ولم يمنعه أن يرملوا الأشواط كلها إلا الابقاء عليهم.
قلت: وعمرة القضاء كانت في سنة سبع في ذي القعدة (6) فأما أن يكون تأخر دعاؤه