فدخل فاستبرأه، حتى إذا كان [في أعلاه] (١) ذكر أنه لم يستبرئ الجحرة فقال: مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ [الجحرة]. فدخل فاستبرأ ثم قال: انزل يا رسول الله، فنزل. ثم قال عمر: والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر. وقد رواه البيهقي من وجه آخر (٢) عن عمر وفيه: أن أبا بكر جعل يمشي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تارة، وخلفه أخرى، وعن يمينه وعن شماله. وفيه أنه لما حفيت رجلا رسول الله صلى الله عليه وسلم حمله الصديق على كاهله، وأنه لما دخل الغار سدد تلك الأجحرة كلها. وبقي منها جحر واحد، فألقمه كعبه فجعلت الأفاعي تنهشه ودموعه تسيل.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تحزن إن الله معنا " وفي هذا السياق غرابة ونكارة. وقال البيهقي:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو. قالا: ثنا أبو العباس الأصم، ثنا عباس الدوري، ثنا أسود بن عامر: شاذان، ثنا إسرائيل، عن الأسود عن جندب بن عبد الله. قال:
كان أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار، فأصاب يده حجر فقال:
إن أنت إلا أصبع دميت * وفي سبيل الله ما لقيت (٣) وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، أخبرني عثمان الجزري أن مقسما مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك﴾ (4) قال: تشاورت قريش ليلة بمكة، فقال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق، يريدون النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال بعضهم بل اقتلوه. وقال بعضهم بل أخرجوه. فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فبات علي على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار، وبات المشركون يحرسون عليا يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم. فلما أصبحوا ثاروا عليه، فلما رأوا عليا رد الله عليهم مكرهم. فقالوا:
أين صاحبك هذا؟ فقال: لا أدري. فاقتفوا أثره فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم، فصعدوا الجبل فمروا بالغار، فرأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا لو دخل ها هنا أحد لم يكن نسج العنكبوت على بابه. فمكث فيه ثلاث ليال. وهذا إسناد حسن وهو من أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت على فم الغار، وذلك من حماية الله رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي في مسند أبي بكر: حدثنا بشار الخفاف