لأثير في كتابه [أسد] الغابة، أنه لما حضره الموت دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاسلام فسمع يقول: لا له إلا الله. وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من الأنصار، فقال " يا خال: قل لا إله إلا الله " فقال: أخال أم عم؟ قال بل خال قال: فخير لي أن أقول لا إله إلا الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم! تفرد به أحمد (1) رحمه الله وذكر عكرمة وغيره أنه لما توفي أراد ابنه أن يتزوج امرأته كبيشة بنت معن بن عاصم، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فأنزل الله: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) [النساء: 22] الآية.
وقال ابن إسحاق وسعيد بن يحيى الأموي في مغازيه: كان أبو قيس هذا قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح، وفارق الأوثان، واغتسل من الجنابة، وتطهر من الحائض من النساء، وهم بالنصرانية ثم أمسك عنها ودخل بيتا له فاتخذه مسجدا لا يدخل عليه فيه حائض ولا جنب وقال: أعبد إله إبراهيم حين فارق الأوثان وكرهها، حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم فحسن إسلامه (2)، وكان شيخا كبيرا وكان قوالا بالحق معظما لله في جاهليته يقول في ذلك أشعارا حسانا وهو الذي يقول:
يقول أبو قيس وأصبح غاديا * ألا ما استطعتم من وصاتي فافعلوا فأوصيكم بالله والبر والتقى * وأعراضكم والبر بالله أول وإن قومكم سادوا فلا تحسدنهم * وإن كنتم أهل الرئاسة فاعدلوا وإن نزلت إحدى الدواهي بقومكم * فأنفسكم دون العشيرة فاجعلوا وإن ناب. غر فادح فارفقوهم * وما حملوكم في الملمات فاحملوا وإن أنتم أمعزتم فتعففوا * وإن كان فضل الخير فيكم فأفضلوا (3) وقال أبو قيس أيضا:
سبحوا الله شرق كل صباح * طلعت شمسه وكل هلال عالم السر والبيان جميعا * ليس ما قال ربنا بضلال (4) وله الطير تستزيد وتأوي * في وكور من آمنات الجبال