فكلمناه وقلنا له يا أبا جابر إنك سيد من سادتنا وشريف من أشرافنا وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبا للنار غدا، ثم دعوناه إلى الاسلام وأخبرناه بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إيانا العقبة قال فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيبا (1).
وقد روى البخاري: حدثني إبراهيم، حدثنا هشام أن ابن جريج أخبرهم قال عطاء قال جابر: أنا وأبي وخالي من أصحاب العقبة. قال عبد الله بن محمد قال ابن عيينة: أحدهم البراء بن معرور. حدثنا علي بن المديني، حدثنا سفيان، قال كان عمرو يقول سمعت جابر بن عبد الله يقول: شهد بي خالاي العقبة.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن خثيم، عن أبي الزبير عن جابر. قال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم، عكاظ ومجنة، وفي المواسم يقول " من يؤويني؟ من ينصرني؟ حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة " فلا يجد أحدا يؤويه ولا بنصره، حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر - كذا قال فيه - فيأتيه قومه وذوو رحمه فيقولون: احذر غلام قريش لا يفتنك، ويمضي بين رحالهم [يدعوهم إلى الله عز وجل] (2) وهم يشيرون إليه بالأصابع حتى بعثنا الله إليه من يثرب فآويناه وصدقناه، فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الاسلام، ثم ائتمروا جميعا فقلنا حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف ويطرد في جبال مكة ويخاف؟ فرحل إليه منا سبعون رجلا حتى قدموا عليه في الموسم فواعدناه شعب العقبة، فاجتمعنا عندها من رجل ورجلين حتى توافينا. فقلنا: يا رسول الله علام نبايعك؟ قال " تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، وعلى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة لائم وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة " فقمنا إليه [نبايعه] (3) وأخذ بيده أسعد بن زرارة - وهو من أصغرهم - وفي رواية البيهقي - وهو أصغر السبعين - إلا أنا، فقال رويدا يا أهل يثرب: فإنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، وإن إخراجه اليوم مناوأة للعرب كافة وقتل خياركم، [وأن] تعضكم السيوف. فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله، وأما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه. فبينوا ذلك فهو أعذر لكم عند الله. قالوا أبط (4) عنا يا أسعد فوالله لا ندع هذه البيعة ولا