البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٣٠٤
متلازم أي هكذا إذا خالفت القلوب الحق - ولا تخالفه إلا بلا برهان - فإن الله يطبع عليها، أي يختم عليها [بما فيها] (1).
(وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فاطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب) [غافر: 36 - 37] كذب فرعون موسى عليه السلام في دعواه أن الله أرسله وزعم فرعون لقومه ما كذبه وافتراه في قوله لهم (ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا) [القصص: 33] وقال ههنا (لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات) أي طرقها ومسالكها (فاطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا) ويحتمل هذا معنيين أحدهما وإني لأظنه كاذبا في قوله إن للعالم ربا غيري والثاني في دعواه أن الله أرسله. والأول أشبه بظاهر حال فرعون فإنه كان ينكر ظاهر إثبات الصانع والثاني أقرب إلى اللفظ حيث قال (فاطلع إلى إله موسى) أي فاسأله هل أرسله أم لا (وإني لأظنه كاذبا) أي في دعواه ذلك. وإنما كان مقصود فرعون أن يصد الناس عن تصديق موسى عليه السلام أن يحثهم على تكذيبه قال الله تعالى (وكذلك زين لفرعون سوء علمه وصد عن السبيل) [غافر: 37] وقرئ (وصد عن السبيل ما كيد فرعون إلا في تباب) قال ابن عباس ومجاهد يقول إلا في خسار إي باطل لا يحصل له شئ من مقصوده الذي رامه فإنه لا سبيل للبشر أن يتوصلوا بقواهم إلى نيل السماء أبدا. أعني السماء الدنيا فكيف بما بعدها من السماوات العلى، وما فوق ذلك من الارتفاع، الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل. وذكر غير واحد من المفسرين أن هذا الصرح، وهو القصر الذي بناه وزيره هامان له، لم ير بناء أعلى منه وإن كان مبنيا من الآجر المشوي بالنار ولهذا قال (فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا) [القصص: 38] وعند أهل الكتاب أن بني إسرائيل كانوا يسخرون في ضرب اللبن وكان مما حملوا من التكاليف الفرعونية أنهم لا يساعدون على شئ مما يحتاجون إليه فيه بل كانوا هم الذين يجمعون ترابه وتبنه وماءه، ويطلب منهم كل يوم قسط معين، إن لم يفعلوه وإلا (2) ضربوا وأهينوا غاية الإهانة وأوذوا غاية الأذية. ولهذا قالوا لموسى (أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعدما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) فوعدهم بأن العاقبة لهم على القبط وكذلك وقع وهذا من دلائل النبوة.
ولنرجع إلى نصيحة المؤمن وموعظته واحتجاجه، قال الله تعالى (وقال الذي آمن يا قوم

(1) سقطت من النسخ المطبوعة; واستدركت من مطبوعة السعادة مصر.
(2) في نسخة: ضربوا وأهينوا - بدون إلا - وفي أخرى - ضربوهم وأهانوهم.
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 5
2 فصل 9
3 فصل 10
4 وأما الكرسي 14
5 ذكر اللوح المحفوظ 15
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 16
7 ما جاء في سبع أرضين 20
8 فصل في البحار والأنهار 23
9 فصل 29
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 30
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 40
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 41
13 فصل 52
14 فصل 60
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 61
16 باب خلق آدم عليه السلام 74
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 91
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 95
19 قصة قابيل وهابيل 103
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 109
21 إدريس عليه السلام 111
22 قصة نوح عليه السلام 133
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 133
24 صومه عليه السلام 135
25 حجه عليه السلام 135
26 وصيته لولده 136
27 قصة هود عليه السلام 137
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 150
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 158
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 159
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 160
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 170
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 172
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 176
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 176
36 قصة الذبيح 181
37 مولد إسحاق 185
38 بناء البيت العتيق 187
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 191
40 قصره في الجنة 199
41 صفة إبراهيم عليه السلام 200
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 200
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 202
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 212
45 باب ذرية إبراهيم 220
46 إسماعيل عليه السلام 220
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 222
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 227
49 قصة نبي الله أيوب 254
50 قصة ذي الكفل 259
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 261
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 264
53 قصة يونس 267
54 فضل يونس 272
55 قصة موسى الكليم 273
56 فصل 296
57 هلاك فرعون وجنوده 309
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 316
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 323
60 سؤال الرؤية 327
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 330
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 338
63 قصة بقرة بني إسرائيل 339
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 341
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 347
66 بناء قبة الزمان 356
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 358
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 362
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 366
70 وفاته عليه السلام 367
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 370
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 377
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 378
74 وأما الياس عليه السلام 391