وألح ابن الزبير على ابن الحنفية بالانتقال إلى مكة فاستأذنه أصحابه في قتال ابن الزبير فلم يأذن لهم وقال اللهم ألبس ابن الزبير لباس الذل والخوف وسلط عليه وعلى أشياعه من يسومهم الذي يسوم الناس.
ثم سار إلى الطائف فدخل ابن عباس على ابن الزبير وأغلظ له فجرى بينهما كلام كرهنا ذكره وخرج ابن عباس أيضا فلحق بالطائف ثم توفي فصلى عليه ابن الحنفية وكبر عليه أربعا وبقي ابن الحنفية حتى حصر الحجاج ابن الزبير فأقبل من الطائف فنزل الشعب فطلبه الحجاج ليبايع عبد الملك فامتنع حتى يجتمع الناس.
فلما قتل ابن الزبير كتب ابن الحنفية إلى عبد الملك يطلب منه الأمان له ولمن معه وبعث إليه الحجاج يأمره بالبيعة فأبى وقال قد كتبت إلى عبد الملك فإذا جاءني جوابه بايعت.
وكان عبد الملك كتب إلى الحجاج يوصيه بابن الحنفية، فتركه، فلما قدم رسول ابن الحنفية، وهو أبو عبد الله الجدلي ومعه كتاب عبد الملك بأمانة وبسط حقه وتعظيم أهله حضر عند الحجاج وبايع لعبد الملك بن مروان وقدم عليه الشام وطلب منه أن لا يجعل للحجاج عليه سبيلا فأزال حكم الحجاج عنه.
وقيل: أن ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس وابن الحنفية أن يبايعا فقالا حتى يجتمع الناس على إمام ثم نبايع فإنك في فتنة فعظم الأمر بينهما وغضب من ذلك وحبس ابن الحنيفة في زمزم وضيق على ابن عباس في منزله وأراد إحراقهما فأرسل المختار جيشا كما تقدم فأزال عنهما ضرر ابن الزبير فلما قتل المختار قوي عليهما ابن الزبير.