فخرج ابن خازم يوما في ستة آلاف وخرج إليه أهل القصر فقال لهم عثمان بن بشر ارجعوا فلن تطيقوه فحلف زهير بن ذؤيب بالطلاق أنه لا يرجع حتى يتعرض صفوفهم فاستبطن نهرا قد يبس فلم يشعر به أصحاب عبد الله حتى حمل عليهم فحط أولهم على آخرهم واستدار وكر راجعا واتبعوه يصيحون به ولم يجسر أخد ينزل إليه حتى رجع إلى موضعه فحمل عليهم فأفرجوا له حتى رجع.
فقال ابن خازم لأصحابه إذا طاعنتم زهيرا فاجعلوا في رماحكم كلاليب ثم علقوها في سلاحه فخرج إليهم يوما فطاعنهم فاعلقوا فيه أربعة أرماح بالكلاليب فالتفت إليهم ليحمل عليهم فاضطربت أيديهم وخلوا رماحهم فعاد يجر أربعة أرماح حتى دخل القصر.
فأرسل ابن خازم إلى زهير يضمن له مائة ألف وميسان طعمة ليناصحه، فلم يجبه. فلما طال الحصار عيهم أرسلوا إلى ابن خازم ليمكنهم من الخروج ليتفرقوا فقال لا إلا على حكمي فأجابوا إلى ذلك فقال زهير ثكلتكم أمهاتكم والله ليقتلنكم عن آخركم وإن طبتم بالموت نفسا فموتوا إكراما اخرجوا ثم جميعا فإما أن تموتوا كراما وإما أن ينجو بعضكم ويهلك بعضكم وأيم الله لئن شددتم عليهم شدة صادقة ليفرجن لكم فإن شئتم كنت أمامكم وإن شئتم كنت خلفكم فأبوا عليه فقال سأريكم ثم خرج هو ورقية بن الحر وغلام تركي وابن ظهير فحملوا على القوم حملة منكرة فأفرجوا لهم فمضوا فأما زهير فرجع ونجا أصحابه.
فلما رجع زهير إلى من بالقصر قال: قد رأيتم، أطيعوني. قالوا: إنا