فقالت إحدى بناته: كلا يا أمير المؤمنين بل يدفع الله عنك فقال متمثلا بشعر الهذلي وإذا المنية البيت وقال لأهله اتقوا الله فإنه لا واقي لمن لا يتقي الله ثم قضي وأوصي أن يرد نصف ماله إلى بيت المال كأنه أراد أن يطيب له الباقي لأن عمر قاسم أعماله وأنشد لما حضرته الوفاة:
(إن تناقش يكن نقاشك يا رب * عذابا لا طوق لي بالعذاب) (أو تجاوز فأنت رب صفوح * عن مسيء ذنوبه كالتراب) ولما اشتد مرضه أخذت ابنته رملة رأسه في حجرها وجعلت تقلبه فقال إنك لتفلينه حوله قلبا جمع المال من شب إلى دب فليته لا يدخل النار! ثم تمثل:
(لقد سعيت لكم من سعي ذي نصب * وقد كفيتكم التطواف والرحلا) وبلغه أن قومه يفرحون بموته فأنشد:
(فهل من خالد إن ما هلكنا * وهل بالموت يا للناس عار؟) وكان في مرضه ربما اختلط في بعض الأوقات فقال مرة كم بيننا وبين الغوطة؟ فصاحت بنته وا حزناه! فأفاق فقال: إن تنفري فقد رأيت منفرا.
فلما مات خرج الضحاك بن قيس حتى صعد المنبر وأكفان معاوية على يديه، فحمد الله وأثني عليه ثم قال: إن معاوية كان عود العرب وحد العرب